وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا ﴾
لم يكفهم أن جعلوا لله ولداً، وجعلوه إناثاً، وجعلوهم من الملائكة، وهذا من جهلهم بالله وصفاته، واستخفافهم بالملائكة، حيث نسبوا إليهم الأنوثة.
وقرأ عمر بن الخطاب، والحسن، وأبو رجاء، وقتادة، وأبو جعفر، وشيبة، والأعرج، والابنان، ونافع : عند الرحمن، ظرفاً، وهو أدل على رفع المنزلة وقرب المكانة لقوله :﴿ إن الذين عند ربك ﴾ وقرأ عبد الله، وابن عباس، وابن جبير، وعلقمة، وباقي السبعة : عباد الرحمن، جمع عبد لقوله :﴿ بل عباد مكرمون ﴾ وقرأ الأعمش : عباد الرحمن، جمعاً.
وبالنصب، حكاها ابن خالويه، قال : وهي في مصحف ابن مسعود كذلك، والنصب على إضمار فعل، أي الذين هم خلقوا عباد الرحمن، وأنشأوا عباد الرحمن إناثاً.
وقرأ أبيّ عبد الرحمن : مفرداً، ومعناه الجمع، لأنه اسم جنس.
وقرأ الجمهور : وأشهدوا، بهمزة الاستفهام داخلة على شهدوا، ماضياً مبنياً للفاعل، أي أحضروا خلقهم، وليس ذلك من شهادة تحمل المعاني التي تطلب أن تؤدي.
وقيل : سألهم الرسول عليه السلام :" ما يدريكم أنهم إناث " ؟ فقالوا : سمعنا ذلك من آبائنا، ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا، فقال الله تعالى :﴿ ستكتب شهادتهم ويسألون ﴾ عنها، أي في الآخرة.
وقرأ نافع : بهمزة داخلة على أشهدوا، رباعياً مبنياً للمفعول بلا مد بين الهمزتين.
والمسبى عنه : بمدة بينهما ؛ وعليّ بن أبي طالب، وابن عباس، ومجاهد، وفي رواية أبي عمرو، ونافع : بتسهيل الثانية بلا مد ؛ وجماعة : كذلك بمد بينهما.
وعن عليّ والمفضل، عن عاصم : تحقيقهما بلا مد ؛ والزهري وناس : أشهدوا بغير استفهام، مبنياً للمفعول رباعياً، فقيل : المعنى على الاستفهام، حذفت الهمزة لدلالة المعنى عليها.


الصفحة التالية
Icon