فصل
قال الفخر :
﴿ وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
اعلم أنه تعالى أجاب عن الشبهة التي ذكروها بناء على تفضيل الغني على الفقير بوجه ثالث وهو أنه تعالى بيّن أن منافع الدنيا وطيباتها حقيرة خسيسة عند الله وبين حقارتها بقوله ﴿وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة﴾ والمعنى لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكافر في سعة من الخير والرزق لأعطيتهم أكثر الأسباب المفيدة للتنعم أحدها : أن يكون سقفهم من فضة وثانيها : معارج أيضاً من فضة عليها يظهرون وثالثها : أن نجعل لبيوتهم أبواباً من فضة وسرراً أيضاً من فضة عليها يتكئون.
ثم قال :﴿وَزُخْرُفاً﴾ وله تفسيران أحدها : أنه الذهب والثاني : أنه الزينة، بدليل قوله تعالى :﴿حتى إِذَا أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت﴾ [ يونس : ٢٤ ] فعلى التقدير الأول يكون المعنى ونجعل لهم مع ذلك ذهباً كثيراً، وعلى الثاني أنا نعطيهم زينة عظيمة في كل باب، ثم بيّن تعالى أن كل ذلك متاع الحياة الدنيا، وإنما سماه متاعاً لأن الإنسان يستمتع به قليلاً ثم ينقضي في الحال، وأما الآخرة فهي باقية دائمة، وهي عند الله تعالى وفي حكمه للمتقين عن حب الدنيا المقبلين على حب المولى، وحاصل الجواب أن أولئك الجهال ظنوا أن الرجل الغني أولى بمنصب الرسالة من محمد بسبب فقره، فبيّن تعالى أن المال والجاه حقيران عند الله، وأنهما شرف الزوال فحصولهما لا يفيد حصول الشرف، والله أعلم.
المسألة الثانية :