ثم قال :﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السبيل﴾ يعني وإن الشياطين ليصدونهم عن سبيل الهدى والحق وذكر الكناية عن الإنسان والشياطين بلفظ الجمع، لأن قوله ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً﴾ يفيد الجمع، وإن كان اللفظ على الواحد ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ يعني الشياطين يصدون الكفار عن السبيل، والكفار يحسبون أنهم مهتدون، ثم عاد إلى لفظ الواحد، فقال :﴿حتى إِذَا جَاءَنَا﴾ يعني الكافر، وقرىء ( جاءانا )، يعني الكافر وشيطانه، روي أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره أخذ شيطانه بيده، فلم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار، فذلك حيث يقول ﴿قَالَ ياليت بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المشرقين﴾ والمراد يا ليت حصل بيني وبينك بعد على أعظم الوجوه، واختلفوا في تفسير قوله ﴿بُعْدَ المشرقين﴾ وذكروا فيه وجوهاً الأول : قال الأكثرون : المراد بعد المشرق والمغرب، ومن عادة العرب تسمية الشيئين المتقابلين باسم أحدهما، قال الفرزدق :


الصفحة التالية
Icon