ولما كان كلامه هذا واضعاً له عند من تأمل لا رافعاً، وكان قد مشى على أتباعه لأنهم مع المظنة دون المنة، فهم أذل شيء لمن ثبتت له رئاسته دنيوية وإن صار تراباً، وأعصى شيء على من لم تفقه له الناس وإن فعل الأفاعيل العظام، تشوف السامع إلى ما يتأثر عنه فقال :﴿فاستخف﴾ أي بسبب هذه الخدع التي سحرهم بها في هذا الكلام الذي هو في الحقيقة محقر له موهن لأمره قاصم لملكه عند من له لب ﴿قومه﴾ الذين لهم قوة عظيمة، فحملهم بغروره على ما كانوا مهيئين له في خفة الحلم ﴿فأطاعوه﴾ بأن أقروا بملكه وأذعنوا لضخامته واعترفوا بربوبيته وردوا أمر موسى عليه الصلاة والسلام.


الصفحة التالية
Icon