قوله تعالى :﴿ وجَعَلوا له مِنْ عِباده جُزْءاً ﴾ أمّا الجَعْل هاهنا، فمعناه : الحُكم بالشيء، وهم الذين زعموا أن الملائكةَ بناتُ الله ؛ والمعنى : جَعلوا له نصيباً من الولد، قال الزجاج : وأنشدني بعض أهل اللغة بيتاً يدل على أن معنى ﴿ جزءٍ ﴾ معنى الإِناث - ولا أدري البيت قديم أو مصنوع - :
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ، يَوْماً، فلا عَجَبٌ...
قد تُجْزِىءُ الحُرَّةُ المِذْكارُ أَحْيانا
أي : آنثت، ولدت أُنثى.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الإِنسان ﴾ يعني الكافر ﴿ لَكَفورٌ ﴾ أي : جَحودٌ لِنِعَم الله عز وجل ﴿ مُبِينٌ ﴾ أي : ظاهرُ الكُفر.
ثم أنكر عليهم فقال :﴿ أمِ اتَّخَذَ مِمّا يَخْلُقُ بناتٍ ﴾ وهذا استفهام توبيخ وإِنكار ﴿ وأصْفاكم ﴾ أي : أخلَصَكم بالبنينَ.
﴿ وإِذا بُشِّر أحدُهم بما ضَرَبَ للرحمن مَثَلاً ﴾ أي : بما جعل لله شبها، وذلك أن ولد كلِّ شيء شبهه وجنسه.
والآية مفسرة في [ النحل : ٥٨ ].
قوله تعالى :﴿ أَوَمَنْ يُنْشَّأُ ﴾ قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وحفص :﴿ يُنَشَّأُ ﴾ بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين، وقرأ الباقون : بفتح الياء وسكون النون.
قال المبرِّد : تقديره : أو يَجَعلون من ينشأ ( في الحِلْية ) قال أبو عبيدة : الحِلْية : الحِلَى.
قال المفسرون : والمراد بذلك : البنات، فإنهنُ ربِّين في الحُلِيِّ والخصام بمعنى المُخاصَمة، ﴿ غيرُ مُبِينٍ ﴾ حُجَّةً.
قال قتادة : قلَّما تتكلَّم امرأة بحُجَّتها إلاّ تكلَّمتْ بالحُجَّة عليها.
وقال بعضهم : هي الأصنام.
قوله تعالى :﴿ وجَعلوا الملائكةَ ﴾ قال الزجاج : الجَعْل هاهنا بمعنى القول والحكم على الشيء، نقول : قد جعلتُ زيداً أعلَم الناسِ، أي : قد وصفته بذلك وحكمت به.
قال المفسرون : وجَعْلُهم الملائكة إِناثاً قولُهم : هُنَّ بناتُ الله.