ولما كان الإرسال منه سبحانه ليس على حسب العظمة في الدنيا بما يراه أهلها كما قال هؤلاء ﴿لولا نزل هذا القرآن﴾ - الآية، قال مناقضاً لهم :﴿موسى﴾ أي الذي كان فرعون يرى أنه أحق الناس بتعظيمه لأنه رباه وكفله ﴿بآياتنا﴾ أي التي قهر بها عظماء الخلق وجبابرتهم، فدل ذلك على صحة دعواه وعلى جميع الآيات لتساويها في القدرة وخرق العادة.
ولما كان السياق لسؤال النبي ـ ﷺ ـ الرسل عن أمر التوحيد، كانت الآيات كافية، فلم يذكر السلطان لأنه للقهر والغلبة :﴿إلى فرعون﴾ أي لأنه طغى وبغى وادعى أنه هو الرب الأعلى ووافقه الضالون :﴿وملأه﴾ الذين جعلهم آلهة دونه وعبدهم قومهم فلم يقرهم على ذلك لأنا ما رضيناه ﴿فقال﴾ بسبب إرسالنا ﴿إني رسول﴾ وأكد لأجل إنكارهم ما أنكره قومك من الرسالة.
ولما كان الإحسان سبباً للإذعان قال :﴿رب العالمين﴾ أي مالكهم ومربيهم ومدبرهم.
ولما كانوا قد فعلوا من الرد لرسالته ـ ﷺ ـ والاستهزاء بها ما فعلته قريش، قال مسلياً للنبي ـ ﷺ ـ ومهدداً لهم تسبيباً عما تقديره : فقالوا له ائت بآية، فأتى بها على ما تقدم غير مرة بما هو كالشمس بياناً وحسناً :﴿فلما جاءهم بآياتنا﴾ بالإتيان بآيتي اليد والعصا اللتين شهدوا فيهما عظمتنا ودلتاهم على قدرتنا على جميع الآيات ﴿إذا هم﴾ أي بأجمعهم استهزاء برسولنا، وطال ما يضحك عليهم هو ومن آمن برسالته وبما جاء به عنا يوم الحسرة والندامة ﴿منها يضحكون﴾ أي فاجؤوا المجيء بها من غير توقف ولا كسل بالضحك سخرية واستهزاء.


الصفحة التالية
Icon