وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ ﴾
" البينات " التي جاء بها عيسى عليه السلام هي : إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص، إلى غير ذلك. وقال قتادة : الإنجيل. والحكمة : النبوءة قاله السدي وغيره.
وقوله :﴿ ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه ﴾ قال أبو عبيدة :﴿ بعض ﴾ بمعنى كل، وهذا ضعيف ترده اللغة، ولا حجة له من قول لبيد :
أو يعتلق بعض النفوس حمامها... لأنه أراد نفسه ونفس من معه، وذلك بعض النفوس، وإنما المعنى الذي ذهب إليه الجمهور، أن الاختلاف بين الناس هو في أمور كثيرة لا تحصى عدداً، منها أمور أخروية ودينية، ومنها ما لا مدخل له في الدين، فكل نبي فإنما يبعث ليبين أمر الأديان والآخرة، فذلك بعض ما يختلف فيه.
وقوله تعالى :﴿ هذا صراط مستقيم ﴾ حكاية عن عيسى عليه السلام إذ أشار إلى شرعه. و: ﴿ الأحزاب ﴾ المذكورون : قال جمهور المفسرين أراد : اختلف بنو إسرائيل وتحزبوا، فمنهم من آمن به، وهو قليل، وكفر الغير، وهذا إذا كان معهم حاضراً. وقال قتادة :﴿ الأحزاب ﴾ هم الأربعة الذين كان الرأي والمناظرة صرفت إليهم في أمر عيسى عليه السلام. وقال ابن حبيب وغيره :﴿ الأحزاب ﴾ النصارى افترقت مذاهبهم فيه بعد رفعه عليه السلام، فقالت فرقة : هو الله، وهم اليعقوبية قال الله عز وجل :﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ﴾ [ المائدة : ١٧ ]. وقالت فرقة : هو ابن الله، وهم النسطورية قال الله تعالى فيهم :﴿ وقالت النصارى المسيح ابن الله ﴾ [ التوبة : ٣٠ ]، وقالت فرقة : هو ثالث ثلاثة، وهم الملكانية قال الله تعالى فيهم :﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ﴾ [ المائدة : ٧٣ ].