﴿ وَأَكْوَابٍ ﴾ أي ويطاف عليهم بأكواب ؛ كما قال تعالى :﴿ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ ﴾ [ الإنسان : ١٥ ] وذكر ابن المبارك قال : أخبرنا مَعْمَر عن رجل عن أبي قِلابة قال : يؤتون بالطعام والشراب، فإذا كان في آخر ذلك أوتوا بالشراب الطهور فتَضْمُر لذلك بطونهم، ويفيض عرقاً من جلودهم أطيب من ريح المسك ؛ ثم قرأ ﴿ شَرَاباً طَهُوراً ﴾ [ الإنسان : ٢١ ].
وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :" إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يَتْفُلُون ولا يبولون ولا يتغوّطون ولا يمتخِطون قالوا فما بال الطعام؟ قال : جُشاء ورَشْح كرشح المسك يُلْهَمُون التّسبيح والتحميد والتكبير في رواية كما يلهمون النَّفَس ".
الثانية روى الأئمة من حديث أم سلمة عن النبي ﷺ قال :" الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يُجَرْجِر في بطنه نار جهنم " وقال :" لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها " وهذا يقتضي التحريم، ولا خلاف في ذلك.
واختلف الناس في استعمالها في غير ذلك.
قال ابن العربي : والصحيح أنه لا يجوز للرجل استعمالها في شيء
" لقول النبيّ ﷺ في الذهب والحرير :"هذان حرام لذكور أمتي حلّ لإناثه"ا " والنهي عن الأكل والشرب فيها يدل على تحريم استعمالها ؛ لأنه نوع من المتاع فلم يجز.
أصله الأكل والشرب، ولأن العلة في ذلك استعجال أمر الآخرة، وذلك يستوي فيه الأكل والشرب وسائر أجزاء الانتفاع ؛ ولأنه ﷺ قال :" هي لهم في الدنيا ولنا في الآخرة " فلم يجعل لنا فيها حظاً في الدنيا.
الثالثة إذا كان الإناء مُضَبَّباً بهما أو فيه حَلْقة منهما ؛ فقال مالك : لا يعجبني أن يُشرب فيه، وكذلك المرآة تكون فيها الحلقة من الفضة ولا يعجبني أن ينظر فيها وجهه.


الصفحة التالية
Icon