قوله تعالى :﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس وَتَلَذُّ الأعين ﴾ روى الترمذيّ " عن سليمان بن بُريدة عن أبيه أن رجلاً سأل النبيّ ﷺ فقال : يا رسول الله، هل في الجنة من خيل؟ قال :"إنِ اللّهُ أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت".
قال : وسأله رجل فقال يا رسول الله، هل في الجنة من إبل؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه قال :"إنْ يُدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولَذّت عينك" "
وقرأ أهل المدينة وابن عامر وأهل الشام "وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ اْلأَنْفُسُ"، الباقون "تَشْتَهي اْلأَنْفُسُ" أي تشتهيه الأنفس ؛ تقول الذي ضربت زيد، أي الذي ضربته زيد.
﴿ وَتَلَذُّ الأعين ﴾ تقول : لذّ الشيءُ يَلَذُّ لذاذاً، ولذاذة.
ولَذِذت بالشيء أَلذّ ( بالكسر في الماضي والفتح في المستقبل ) لذاذاً ولذاذة ؛ أي وجدته لذيذاً.
والتذذت به وتلذّذت به بمعنًى.
أي في الجنة ما تستلذه العين فكان حَسَن المَنْظَر.
وقال سعيد بن جبير :"وَتَلَذُّ اْلأَعْيُنُ" النظر إلى الله عز وجل ؛ كما في الخبر :"أسألك لذة النظر إلى وجهك".
﴿ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ باقون دائمون ؛ لأنها لو انقطعت لتبغضت.
قوله تعالى :﴿ وَتِلْكَ الجنة ﴾ أي يقال لهم هذه تلك الجنة التي كانت توصف لكم في الدنيا.
وقال ابن خالَوَيه : أشار تعالى إلى الجنة بتلك وإلى جهنم بهذه ؛ ليخوّف بجهنم ويؤكد التحذير منها.
وجعلها بالإشارة القريبة كالحاضرة التي ينظر إليها.
﴿ التي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ قال ابن عباس : خلق الله لكل نفس جنة وناراً ؛ فالكافر يرث نار المسلم، والمسلم يرث جنة الكافر ؛ وقد تقدّم هذا مرفوعاً في ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون ﴾ [ المؤمنون : ١ ] من حديث أبي هريرة، وفي "الأعراف" أيضاً.
لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٣)