وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ المجرمين ﴾
أي الراسخين في الإجرام الكاملين فيه وهم الكفار فكأنه قيل : إن الكفار ﴿ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خالدون ﴾ وأيد إرادة ذلك بجعلهم قسيم المؤمنين بالآيات في قوله تعالى :﴿ الذين ءامَنُواْ بآياتنا ﴾ [ الزخرف : ٦٩ ] فلا تدل الآية على خلود عصاة المؤمنين كما ذهب إليه المعتزلية والخوارج، ولا يضر عدم التعرض لبيان حكمهم بناء على أن المراد بالذين آمنوا المتقون لقوله تعالى :﴿ ياعباد لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوم وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ [ الزخرف : ٦٨ ] والقول بأن الذين آمنوا شامل لهم لأن العلة إيمانهم وإسلامهم لا يخفى ما فيه.
والظرف متعلق بخالدون وخالدون خبر إن، وجوز أن يكون الظرف هو الخبر وخالدون فاعله لاعتماده.
﴿ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ ﴾ أي لا يخفف عنهم من فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلاً، والمادة بأي صيغة كانت تدل على الضعف مطلقاً ﴿ وَهُمْ فِيهِ ﴾ أي في العذاب، وقرأ عبد الله ﴿ فِيهَا ﴾ أي في جهنم ﴿ مُّبْلِسُونَ ﴾ حزينون من شدة البأس، قال الراغب : الإبلاس الحزن المعترض من شدة البأس ومنه اشتق إبليس فيما قيل.
ولما كان المبلس كثيراً ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل أبلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته انتهى، وقد فسر الإبلاس هنا بالسكوت وانقطاع الحجة.
﴿ وَمَا ظلمناهم ولكن كَانُواْ هُمُ الظالمين ﴾ لسوء اختيارهم، و﴿ هُمْ ﴾ ضمير فصل فيفيد التخصيص، وقرأ عبد الله.
وأبو زيد ﴿ الظالمون ﴾ بالرفع على أن هم مبتدأ وهوخبره، وذكر أبو عمر الجرمي أن لغة تميم جعل ما هو فصل عند غيرهم مبتدأ ويرفعون ما بعده على الخبر، وقال أبو زيد : سمعتهم يقرؤن ﴿ تَجِدُوهُ عِندَ الله هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] برفع خير وأعظم، وقال قيس بن ذريح :
تحن إلى ليلى وأنت تركتها...
وكنت عليها بالملا أنت أقدر
وقال سيبويه : بلغنا أن رؤبة كان يقول أظن زيداً هو خير منك يعني بالرفع.


الصفحة التالية
Icon