وقرأ ابن كثير وأبو عمرو :" آءالهتنا " بهمزة استفهام وهمزة بعدها بين بين وألف بعدها. وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي : بهمزتين مخففتين بعد الثانية ألف. وقرأ ورش عن نافع : بغير استفهام :" آلهتنا " على مثال الخبر. وقرأ قالون عن نافع :" ءالهتنا " على الاستفهام بهمزة واحدة بعدها مدة. وفي مصحف أبي بن كعب :" خير أم هذا "، فالإشارة إلى محمد، وخرجت هذه القراءة على التأويل الأول الذي فسرناه، وكذلك قالت فرقة ممن قرأ :﴿ أم هو ﴾ إن الإرادة محمد عليه السلام، وهو قول قتادة. وقال ابن زيد والسدي المراد ب ﴿ هو ﴾ عيسى، هذا هو المترجح.
والجدال عند العرب : المحاورة بمغالطة أو تحقيق أو ما اتفق من القول إنما المقصد به أن يغلب صاحبه في الظاهر إلا أن يتطلب الحق في نفسه، وروى أبو أمامة عن النبي عليه السلام أنه قال :" ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أتوا الجدل " ثم قرأ :﴿ ما ضربوه لك إلا جدلاً ﴾ قال أبو أمامة : ورأى عليه السلام قوماً يتنازعون، فغضب حتى كأنما صب في وجهه الخل، وقال :
" لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، فما ضل قوم إلا أوتوا الجدل " ثم أخبر تعالى عنهم أنهم أهل خصام ولدد، وأخبر عن عيسى أنه عبد أنعم الله عليه بالنبوءة والمنزلة العالية، وجعله مثلاً لبني إسرائيل.
وقوله تعالى :﴿ ولو نشاء ﴾ الآية، أي لا تستغربوا أن يخلق عيسى من غير فحل، فإن القدرة تقضي ذلك وأكثر منه.
وقوله :﴿ لجعلنا منكم ﴾ معناه : لجعلنا بدلاً منكم، أي لو شاء الله لجعل بدلاً من بني آدم ملائكة يسكنون الأرض ويخلفون بني آدم فيها. وقال مجاهد وابن عباس : يخلف بعضهم بعضاً. والضمير في قوله :﴿ وإنه لعلم ﴾ قال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك وابن زيد : الإشارة به إلى عيسى. وقالت فرقة : إلى محمد عليه السلام. وقال الحسن أيضاً وقتادة : إلى القرآن.


الصفحة التالية
Icon