قال الجوهري : وقال أبو عمرو وقوله تعالى :﴿ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين ﴾ من الأَنَف والغضب، وقاله الكسائي والقُتَبي، حكاه الماوردي عنهما.
وقال الهَرَوِي : وقوله تعالى :"فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ" قيل هو من عَبِد يَعْبَد ؛ أي من الآنفين.
وقال ابن عرفة : إنما يقال عَبِد يَعبَدُ فهو عَبِد ؛ وقلّما يقال عابد، والقرآن لا يأتي بالقليل من اللغة ولا الشاذ، ولكن المعنى فأنا أوّل من يعبد الله عز وجلّ على أنه واحد لا ولد له.
وروي أن امرأة دخلت على زوجها فولدت منه لستة أشهر، فذُكر ذلك لعثمان رضي الله عنه فأمر برجمها ؛ فقال له عليّ : قال الله تعالى :﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً ﴾ [ الأحقاف : ١٥ ] وقال في آية أخرى :﴿ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾ [ لقمان : ١٤ ] فوالله ما عَبِد عثمانُ أن بعث إليها تُرَدّ.
قال عبد الله بن وهب : يعني ما استنكف ولا أنِف.
وقال ابن الأعرابي :"فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ" أي الغضاب الآنفين.
وقيل :"فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ" أي أنا أوّل من يعبده على الوحدانية مخالفاً لكم.
أبو عبيدة : معناه الجاحدين ؛ وحكي : عَبَدَني حَقّي أي جحدني.
وقرأ أهل الكوفة إلا عاصماً "وُلْد" بضم الواو وإسكان اللام.
الباقون وعاصم "ولد" وقد تقدّم.
﴿ سُبْحَانَ رَبِّ السماوات والأرض ﴾ أي تنزيهاً له وتقديساً.
نَزَّه نفسه عن كل ما يقتضي الحدوث، وأمرَ النبيَّ ﷺ بالتنزيه.
﴿ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ أي عما يقولون من الكذب.
قوله تعالى :﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ ﴾ يعني كفار مكة حين كذبوا بعذاب الآخرة.
أي اتركهم يخوضوا في باطلهم ويلعبوا في دنياهم ﴿ حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ ﴾ إمّا العذاب في الدنيا أو في الآخرة.
وقيل : إن هذا منسوخ بآية السيف.
وقيل : هو مُحْكم، وإنما أخرج مخرج التهديد.


الصفحة التالية
Icon