متى ما يشاء ذو الوُدِّ يَصْرِمْ خَليلَهُ... ويَعْبَدْ عليه لا محالةَ ظالما
وقول الحريري :
قال ما يجب على عابد الحقّ... قال يحلف بالإله الخلق
أي : على جاحد الحق. وقيل هي « إنْ » النافية، أي : ما كان للرحمن ولد فأنا أول من عبد الله ووحَّده، فيوقف على « ولد » على هذا التأويل.
رُوي : أن النضر قال : إن الملائكة بنات الله، فنزلت الآية، فقال النضر : ألا ترون أنه صدّقني ؛ فقال الوليد : ما صدّقك، ولكن قال : ما كان للرحمن ولداً، فأنا أوّل الموحدين من أهل مكة أن لا ولد له. وسيأتي في الإشارة قول آخر.
قال القشيري : وفي الآية وأمثالها دليل على جواز حكاية قول المبتدعة فيما أخطأوا فيه في الاعتقاد، على وجه الردّ عليهم. أ هـ قلت : ولا تجوز مطالقعة أقوالهم إلا لمَن رسختْ قدمه في المعرفة، والإعراض عنها أسلم.
ثم نزَّه ذاته عن اتخاذ الولد، فقال :﴿ سبحان ربِّ السماوات والأرض ربِّ العرش عما يصفون ﴾ أي : تنزّه رب هذه العوالم العظام عن اتخاذ الولد ؛ لأن اتخاذ الولد من صفة الأجسام، ولو كان جسماً ما قدر على خلو هذه الأجرام، وفي إضافة اسم الرب إلى أعظم الأجرام وأقواها، تنبيه على أنها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملوكت ربوبيته ؛ كيف يتوهم أن يكون شيء منها جزءاً منه. وفي تكرير اسم الرب تفخيم لشأن العرش.
﴿ فذرهم يخوضوا ﴾ في باطلهم ﴿ ويلعبوا ﴾ في دنياهم أي : حيث لم يُذعنوا لك، ولم يرجعوا عن غيهم، أعرض عنهم واتركهم في لهوهم ولعبهم، ﴿ حتى يُلاقوا يومهم الذي يُوعدون ﴾ وهو القيامة، فإنهم يومئذ يعلمون ما فعلوا، وما يفعل بهم، أو : يوم بدر، قاله عكرمة وغيره.
وهذا دليل على أن ما يقولونه إنما هو خوض ولعب لا حقيقة له.