فأنزل الله تعالى :﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابن مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴾ " أي يضجون كضجيج الإبل عند حمل الأثقال.
وقرأ نافع وابن عامر والكسائي "يَصُدون" ( بضم الصاد ) ومعناه يُعرِضون ؛ قاله النَّخَعيّ، وكسر الباقون.
قال الكسائي : هما لغتان ؛ مثل يَعْرِشون ويَعْرُشون ويَنِمُّون ويَنُمُّون، ومعناه يَضِجُّون.
قال الجوهري : وصَدّ يَصُدّ صديداً ؛ أي ضَجّ.
وقيل : إنه بالضم من الصدود وهو الإعراض، وبالكسر من الضجيج ؛ قاله قُطْرُب.
قال أبو عبيد : لو كانت من الصدود عن الحق لكانت : إذا قومك عنه يصدون.
الفرّاء : هما سواء ؛ منه وعنه.
ابن المسيّب : يصدون يضجون.
الضحاك يعجون.
ابن عباس : يضحكون.
أبو عبيدة : مَن ضَمَّ فمعناه يعدلون ؛ فيكون المعنى : من أجل المَيْل يُعَدلون.
ولا يُعَدّى "يَصِدُّون" بمن، ومن كسر فمعناه يضِجون ؛ ف "من" متصلة ب "يَصِدُّون" والمعنى يضجون منه.
قوله تعالى :﴿ وقالوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ﴾ أي آلهتنا خير أم عيسى؟ قاله السدي.
وقال : خاصموه وقالوا إن كل مَن عُبد من دون الله في النار، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى والملائكة وعزير، فأنزل الله تعالى :﴿ إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى أولئك عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴾ [ الأنبياء : ١٠١ ] الآية.
وقال قتادة :"أَمْ هُوَ" يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم.
وفي قراءة ابن مسعود "آلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هَذَا".
وهو يقوّي قول قتادة، فهو استفهام تقرير في أن آلهتهم خير.
وقرأ الكوفيون ويعقوب "أألِهَتُنَا" بتحقيق الهمزتين، وليّن الباقون.
وقد تقدّم.
﴿ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ ﴾ "جَدَلاً" حال ؛ أي جدلين.
يعني ما ضربوا لك هذا المثل إلا إرادة الجدل ؛ لأنهم علموا أن المراد بحصب جهنم ما اتخذوه من الموات ﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ﴾ مجادلون بالباطل.