فربط قوله :﴿ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ ﴾ [ يونس : ٩٤ ] بقوله ﴿ فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ الكتاب ﴾ [ يونس : ٩٤ ] ربط صحيح لا إشكال فيه، لأن الشاك في أمره شأنه أن يسأل العالم به عنه كما لا يخفى، فهي قضية صادقة، مع أن شرطها وجزاءها كلاهما باطل بانفراده، فهي كقوله ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا ﴾ [ الأنبياء : ٢٢ ] فهي شرطية صادقة لصحة الربط بين طرفيها، وإن كان الطرفان باطلين عند إزالة الربط.
أما قوله تعالى ﴿ قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين ﴾ [ الزخرف : ٨١ ] على القول بأن إن شرطية لا تمكن صحة الربط بين شرطها وجزائها ألبتة، لأن الربط بين المعبود وبين كونه والداً أو ولداً لا يصح بحال.
ولذا جاء عن النبي ﷺ أنه قال :" لا أشك ولا أسأل أهل الكتاب " فنفي الطرفين مع أن الربط صحيح، ولا يمكن أن ينفي ﷺ هو ولا غيره الطرفين في الآية الأخرى، فلا يقول هو ولا غيره : ليس له ولد ولا أعبده.
وعلى كل حال، فالربط بين الشك وسؤال الشاك للعالم أمر صحيح، بخلاف الربط بين العبادة وكون المعبود والداً أو ولداً فلا يصح.
فاتضح الفرق بين الآيتين وحديث :" لا أشك ولا أسأل أهل الكتاب " رواه قتادة بن دعامة مرسلاً.
وبنحوه قال بعض الصحابة. فمن بعدهم، ومعناه صحيح بلا شك.
وما قاله الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة يستغربه كل من رآه لقبحه وشناعته، ولم أعلم أحداً من الكفار في ما قص الله في كتابه يتجرأ على مثله أو قريب منه.
وهذا مع عدم فهمه لما يقول وتناقض كلامه.
وسنذكر هنا كلامه القبيح للتنبيه على شناعة غلطه، الديني واللغوي.