وقد ناسب هذا المجازَ أو المبالغة التفريع في قوله :﴿ فلا تمترن بها ﴾ لأن القرآن لم يُبققِ لأحدٍ مِرية في أن البعث واقع.
وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة أن الضمير لعيسى، وتأولوه بأن نزول عيسى علامة الساعة، أي سبب علم بالساعة، أي بقربها، وهو تأويل بعيد فإن تقدير مضاف وهو نزول لا دليل عليه ويناكده إظهار اسم عيسى في قوله :﴿ ولما جاء عيسى ﴾ [ الزخرف : ٦٣ ] الخ.
ويجوز عندي أن يكون ضمير ﴿ إنه ﴾ ضميرَ شأن، أي أن الأمر المهمّ لَعِلم الناسِ بوقوع الساعة.
وعُدّي فعل ﴿ فلا تمترن بها ﴾ بالباء لتضمينه معنى : لا تُكذبُن بها، أو الباء بمعنى ( في ) الظرفية.
﴿ بِهَا واتبعون هذا صراط ﴾.
يجوز أن يكون ضمير المتكلم عائداً إلى الله تعالى، أي اتبعوا ما أرسلتُ إليكم من كلامي وَرَسُولِي، جرياً على غالب الضمائر من أول السورة كما تقدم، فالمراد باتّباع الله : اتباع أمره ونهيه وإرشادِه الوارد على لسان رسول الله ﷺ فاتّباع الله تمثيل لامتثالهم ما دعاهم إليه بأن شبه حال الممتثلين أمر الله بحال السالكين صراطاً دلّهم عليه دليل.
ويكون هذا كقوله في سورة الشورى ( ٥٢، ٥٣ ) ﴿ وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم صراطِ الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ﴾ ويجوز أن يكون عائداً إلى النبي بتقدير : وقُل اتبعون، ومثله في القرآن كثير.
والإشارة في هذا صراط مستقيم } للقرآن المتقدم ذكره في قوله :﴿ وإنه لعلم للساعة ﴾ أو الإشارة إلى ما هو حاضر في الأذهان مما نزل من القرآن أو الإشارة إلى دين الإسلام المعلوم من المقام كقوله تعالى :﴿ وأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ﴾ [ الأنعام : ١٥٣ ].
وحذفت ياء المتكلم تخفيفاً مع بقاء نون الوقاية دليلاً عليها.
وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢)


الصفحة التالية
Icon