وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في أميّة بن خلف الْجُمَحِيّ وعُقْبة بن أبي مُعَيْط، كانا خليلين ؛ وكان عقبة يجالس النبي ﷺ، فقالت قريش : قد صبأ عقبة بن أبي مُعَيط ؛ فقال له أميّة : وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمداً ولم تَتْفُل في وجهه ؛ ففعل عقبة ذلك ؛ فنذر النبي ﷺ قتله فقتله يوم بدرٍ صَبْراً، وقُتل أميّة في المعركة ؛ وفيهم نزلت هذه الآية.
( وذكر الثعلبي رضي الله عنه في هذه الآية ) قال : كان خليلان مؤمنان وخليلان كافران، فمات أحد المؤمنين فقال : يا رب، إن فلاناً كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، وكان يأمرني بالخير وينهاني عن الشر، ويخبرني أني ملاقيك، يا رب فلا تُضِلّه بعدي، واهده كما هديتني، وأكرمه كما أكرمتني.
فإذا مات خليله المؤمن جمع الله بينهما، فيقول الله تعالى : لِيُثْنِ كل واحد منكما على صاحبه، فيقول : يا ربّ، إنه كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر، ويخبرني أني ملاقيك، فيقول الله تعالى : نِعم الخليل ونعم الأخ ونعم الصاحب كان.
قال : ويموت أحد الكافرين فيقول : يا رب، إن فلاناً كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير، ويخبرني أني غير ملاقيك، فأسألك يا رب ألاّ تَهْدِه بعدي، وأن تضله كما أضللتني، وأن تهينه كما أهنتني ؛ فإذا مات خليله الكافر قال الله تعالى لهما : لِيُثْنِ كل واحد منكما على صاحبه، فيقول : يا ربّ، إنه كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك، فأسألك أن تضاعف عليه العذاب ؛ فيقول الله تعالى : بئس الصاحب والأخ والخليل كنت.
فيلعن كل واحد منهما صاحبه.
قلت : والآية عامة في كل مؤمن ومتقٍ وكافر ومُضِل. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon