﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ﴾ أي لُدٌّ شدادُ الخصومةِ مجبولونَ على المحْكِ واللَّجاجِ. وقيلَ : لمَّا سمعُوا قولَه تعالى :﴿ إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ﴾ قالُوا نحنُ أهدَى من النَّصارى لأنَّهم عبدُوا آدمياً ونحنُ نعبدُ الملائكةَ فنزلتْ، فقولُهم :﴿ أَألِهْتنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ﴾ حينئذٍ تفصيلٌ لآلهتِهم عَلَى عيسَى عليهِ السَّلامُ ؛ لأنَّ المرادَ بهم الملائكةُ، ومَعْنى ما ضربُوه الخ ما قالُوا هذا القولَ إلا للجدلِ، وقيلَ : لمَّا نزلتْ ﴿ إِنَّ مَثَلَ عيسى ﴾ الآيةَ قالُوا ما يريدُ محمدٌ بهذَا إلا أنْ نعبدَهُ وأنه يستأهلُ أنْ يعبدَ وإنْ كانَ بشراً كما عبدتِ النَّصارى المسيحَ وهو بشرٌ. ومَعْنى يَصِدُّونَ يَضجُّونَ ويضجرونَ. والضميرُ في أمْ هُو لمحمدٍ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وغرضُهم بالموازنةِ بينَهُ عليهِ السَّلامُ وبين آلهتِهم الاستهزاءُ به، وقد جُوِّزَ أنْ يكونَ مرادُهم التنصلَ عمَّا أُنكرَ عليهم من قولِهم : الملائكةُ بناتُ الله تعالَى. ومن عبادتِهم لهم كأنَّهم قالُوا ما قُلنا بدعاً من القولِ ولا فعلنَا مُنكراً من الفعلِ فإنَّ النَّصارَى جعلُوا المسيحَ ابنَ الله وعبدُوه فنحنُ أشفُّ منُهم قولاً وفعلاً حيثُ نسبنَا إليهِ الملائكةَ وهُم نسبُوا إليهِ الأنَاسِيّ.