من قالَ بذلكَ. وقُرِىءَ وُلْدٌ.
﴿ سبحان رَبّ السموات والأرض رَبّ العرش عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ أي يصفونَهُ بهِ منْ أنْ يكونَ له ولدٌ. وفي إضافةِ اسمِ الربِّ إلى أعظمِ الأجرامِ وأقواها تنبيهٌ على أنَّها وما فيَها من المخلوقاتِ حيثُ كانتْ تحتَ ملكوتِه وربوبيتِه كيفَ يتوهمُ أنْ يكونَ شيءٌ منها جُزْءاً منْهُ سبحانَهُ وفي تكريرِ اسم الربِّ تفخيمٌ لشأنِ العرشِ. ﴿ فَذَرْهُمْ ﴾ حيثُ لم يُذعنُوا للحقِّ بعد ما سمعُوا هذا البرهانَ الجليَّ. ﴿ يَخُوضُواْ ﴾ في أباطيلِهم ﴿ وَيَلْعَبُواْ ﴾ في دُنياهُم فإنَّ ما هُم فيهِ من الأفعالِ والأقوالِ ليستْ إلا من بابِ الجهلِ واللعبِ. والجزمُ في الفعلِ لجوابِ الأمرِ. ﴿ حتى يلاقوا يَوْمَهُمُ الذى يُوعَدُونَ ﴾ من يومِ القيامةِ فإنَّهم يومئذٍ يعلمونَ ما فعلُوا وما يُفعلُ بهم. ﴿ وَهُوَ الذى فِى السماء إله وَفِى الأرض إله ﴾ الظرفانِ متعلقانِ بالمَعْنى الوصفيِّ، الذي ينبىءُ عنْهُ الاسمُ الجليلُ من مَعْنى المعبوديةِ بالحقِّ بناءً على اختصاصهِ بالمعبودِ بالحقِّ كما مرَّ في تفسيرِ البسملةِ، كأنَّه قيلَ : وهُو الذي مستحقٌّ لأنْ يعبدَ فيهمَا، وقد مرَّ تحقيقُه في سورةِ الأنعامِ.
وقُرىءَ وهُو الذي في السماءِ الله وفي الأرضِ الله، والراجعُ إلى الموصولِ مبتدأٌ قد حذفَ لطولِ الصلةِ بمتعلقِ الخبرِ والعطفِ عليهِ، ولا مساغَ لكونِ الجارِّ خبراً مقدماً وإلهٌ مبتدأٌ مؤخرٌ للزومِ عراءِ الجُملةِ حينئذٍ عن العائدِ، نعمَ يجوزُ أن يكونَ صلةً للموصولِ وإلهٌ خبراً لمبتدأٍ محذوفٍ، على أنَّ الجملةَ بيانٌ للصلةِ وأنَّ كونَهُ في السماءِ على سبيلِ الإلهيةِ لا على سبيلِ الاستقرارِ، وفيهِ نفيُ الآلهةِ السماويةِ والأرضيةِ وتخصيصٌ لاستحقاقِ الإلهيةِ به تعالَى. وقولُه تعالَى :﴿ وَهُوَ الحكيم العليم ﴾ كالدليلِ على ما قبلَهُ.