وقيل : مدار الاتصال في هذا الاستثناء على جعل الذين يدعون عاماً لكل ما يعبد من دون الله، ومدار الانقطاع على جعله خاصاً بالأصنام.
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله ﴾ اللام هي : الموطئة للقسم، والمعنى : لئن سألت هؤلاء المشركين العابدين للأصنام من خلقهم أقرّوا واعترفوا بأن خالقهم الله، ولا يقدرون على الإنكار، ولا يستطيعون الجحود لظهور الأمر، وجلائه ﴿ فأنى يُؤْفَكُونَ ﴾ أي : فكيف ينقلبون عن عبادة الله إلى عبادة غيره، وينصرفون عنها مع هذا الاعتراف، فإن المعترف بأن الله خالقه إذا عمد إلى صنم، أو حيوان، وعبده مع الله، أو عبده وحده، فقد عبد بعض مخلوقات الله، وفي هذا من الجهل ما لا يقادر قدره.
يقال : أفكه يأفكه إفكاً : إذا قلبه، وصرفه عن الشيء، وقيل : المعنى : ولئن سألت المسيح، وعزيراً، والملائكة من خلقهم؟ ليقولنّ : الله، فأنى يؤفك هؤلاء الكفار في اتخاذهم لها آلهة.
وقيل : المعنى : ولئن سألت العابدين، والمعبودين جميعاً.
قرأ الجمهور :( وقيله ) بالنصب عطفاً على محلّ الساعة، كأنه قيل : إنه يعلم الساعة، ويعلم قيله، أو عطفاً على سرّهم، ونجواهم، أي : يعلم سرّهم، ونجواهم، ويعلم قيله، أو عطفاً على مفعول يكتبون المحذوف، أي : يكتبون ذلك، ويكتبون قيله، أو عطفاً على مفعول يعلمون المحذوف أي : يعلمون ذلك، ويعلمون قيله، أو هو مصدر أي : قال قيله، أو منصوب بإضمار فعل، أي : الله يعلم قيل رسوله، أو هو معطوف على محل بالحقّ، أي : شهد بالحق، وبقيله، أو منصوب على حذف حرف القسم.
ومن المجوّزين للوجه الأوّل : المبرد، وابن الأنباري، ومن المجوّزين للثاني الفرّاء، والأخفش، ومن المجوّزين للنصب على المصدرية الفراء، والأخفش أيضاً.