ومع ذلك عادوا إلى إصرارهم وكفرهم فانتقم اللّه منهم يوم بدر، فذلك قوله تعالى (فَارْتَقِبْ) إلى قوله (إِنَّا مُنْتَقِمُونَ).
هذا، وإطلاق الدخان على ما يراه الجائع
أو على الذي يرى عند تكدر الهواء لا يأباه وصفه بقوله (مُبِينٍ) لأنه مما يتخيل ويتوهم أنه دخان ظاهر، وقد يقره العقل.
واعلم بأن إرادة الجدب من هذا الدخان والمجاعة مجاز من باب ذكر السبب وإرادة المسبب، وهذا هو الصارف عن إرادة الظاهر، لأنه لو كان المراد به الدخان الذي هو من علامات الساعة لما صح قوله تعالى على لسانهم (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ) ولم يصح أيضا قوله جل جلاله (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ) الآية، إذ لا يكون شيء من ذلك يوم القيامة.
هذا، وما روى البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن مسعود قال (خمس قد مضين أي من علامات الساعة اللزام والروم والبطشة والقمر والدخان) فهو غير هذا الدخان المقصود في هذه الآية، وعلى فرض صحته فيها وهو بعيد فتكون الآية على ظاهرها وتلزم بأن نقول إن المخاطب بها غيره صلّى اللّه عليه وسلم ممن لم يخلق بعد أو نجبر أن نقول بوقوعها في زمانه صلّى اللّه عليه وسلم وهو خلاف الواقع، إذ لم يثبت أن هذه العلامة وقعت بزمنه صلّى اللّه عليه وسلم.
وعلى كل الحالين فلا يصح تأويلها به واللّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon