قال تعالى "أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى " أي كيف يتذكرون ومن أين يتعظون بما أصابهم "وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ" ١٣ لكل ما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم فهو أعظم واولى من أن يتذكروا به ولم يتذكروا "ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ" ولم يلتفتوا إليه ولم يصغوا لإرشاده "وَقالُوا مُعَلَّمٌ" من قبل الغير يعنون عداما غلاما لبعض ثقيف أعجمي ولم يكتفوا بقولهم معلم بل قالوا "مَجْنُونٌ" ١٤ أيضا لأنه يغشى عليه كالمجنون، وذلك أنهم يرونه حين ينزل عليه الوحي كالمغمى عليه، قال تعالى "إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ" القحط الذي حل بكم إجابة لدعوة نبيكم ومؤخرون العذاب الآخر "قَلِيلًا إِنَّكُمْ" يا أهل مكة "عائِدُونَ" ١٥ إلى الكفر والجحود لا محالة سواء أمهلناكم أم لا، ولهذا لم نرجئكم كثيرا، فانتظروا "يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى " فيكم بالدنيا في بدر وغيرها وفي الأخرى أكبر وأشد لأن يوم بدر مهما كان عظيما لا يبلغ هذا المبلغ الموصوف بالآية ولا يحصل به الانتقام النام من الكفرة، ولكن يوم القيامة بعد الفصل بين الناس "إِنَّا مُنْتَقِمُونَ" ١٦ منكم الانتقام القاسي وناهيك بالجبار إذا كان هو المنتقم كفانا اللّه شر انتقامه "وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ" قبل قومك يا سيد الرسل "قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ" ١٧ على ربه مثل ما أنت كريم عليه، ولما كان إرساله للقبط قوم فرعون ولبني إسرائيل قومه قال موسى لفرعون وملائه "أَنْ أَدُّوا" أعطوا وسلموا "إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ" الذين استعبدتموهم وتخلوا عنهم "إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ" من اللّه بذلك "أَمِينٌ" ١٨ على أداء الرسالة إليكم "وَأَنْ لا تَعْلُوا" تترفعوا وتتبختروا وتستكبروا "عَلَى اللَّهِ" الذي أرسلني إليكم، وإن شئتم بيّنة على صدقي "إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ"