و لوثوقه بعهد ربه أنهم لا يتمكنون من أذاه كرّ عليهم فقال "وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ" ٢١ أيها القبط وخلوني واتركوا لي بني إسرائيل قومي إذ أيس منهم وعلم بإعلام اللّه إياه أن القبط لا يؤمنون "فَدَعا رَبَّهُ" قائلا في دعائه "أَنَّ هؤُلاءِ" القبط قوم فرعون "قَوْمٌ مُجْرِمُونَ" ٢٢ لا يهتدون إلى الرشاد لكثرة إجرامهم، فاهلكهم يا رب وأنجز لي وعدك فيهم، فأجابه بقوله "فَأَسْرِ بِعِبادِي" بني إسرائيل خاصة "لَيْلًا" وهذا إعلام بتلبية طلبه بإهلاك القبط وإنجاء بني إسرائيل "إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ٢٣ من فرعون وقومه، فخرج بهم إلى البحر فدخله وقومه، ثم تبعه فرعون وقومه فدخلوه وراءهم حتى صاروا جميعا فيه، قال تعالى "وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً" ساكنا على حالته حتى يكمل خروج قومك منه ويكمل دخول آل فرعون "إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ" ٢٤ كلهم جميعا لا محالة وأنت وقومك كلهم ناجون فلا تستعجل، فامتثل أمر ربه، ولما تم خروج بني إسرائيل وتكامل دخول القبط أمره ربه أن يأمر البحر ينطبق عليهم، فأمره فانطبق عليهم، فلم ينج منهم أحد، كما لم يغرق من بني إسرائيل أحد، ثم نعى اللّه تعالى حال المغرقين بعد أن اطمأن موسى وقومه فقال "كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ" ٢٥ تدفق بين البساتين "وَزُرُوعٍ" متنوعة تركوها "وَمَقامٍ كَرِيمٍ" ٢٦ محل قعود مزخرف عظيم بناؤه كانوا ينعمون به وليس بمقام واحد بل مقامات كثيرة بدليل التنكير "وَنَعْمَةٍ" جليلة وهي نعم كثيرة أيضا عظيمة "كانُوا فِيها فاكِهِينَ" ٢٧ ناعمين أشرين بطرين، لأنهم لم يقدروها ولم يشكروها، لذلك حرموا منها "كَذلِكَ" مثل هذا الفعل الفظيع أفعل بأعدائي فيذهبوا هدرا "وَأَوْرَثْناها" تلك البساتين والأنهار والقصور وغيرها


الصفحة التالية
Icon