ثم قال :﴿أَنْ أَدُّواْ إِلَي عِبَاد الله﴾ وفي أن قولان الأول : أنها أن المفسرة وذلك لأن مجيء الرسول إلى من بعث إليهم متضمن لمعنى القول لأنه لا يجيئهم إلا مبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله الثاني : أنها المخففة من الثقيلة ومعناه وجاءهم بأن الشأن والحديث أدواء، وعباد الله مفعول به وهم بنو إسرائيل يقول أدوهم إلي وأرسلوهم معي وهو كقوله ﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إسرائيل وَلاَ تُعَذّبْهُمْ﴾ [ طه : ٤٧ ] ويجوز أيضاً أن يكون نداء لهم والتقدير : أدوا إلى عباد الله ما هو واجب عليكم من الإيمان، وقبول دعوتي، وأتباع سبيلي، وعلل ذلك بأنه ﴿رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ قد ائتمنه الله على وحيه ورسالته وأن لا تعلوا أن هذه مثل الأول في وجهيها أي لا تتكبروا على الله بإهانة وحيه ورسوله ﴿إني آتيكم بسلطان مبين﴾ بحجة بينة يعترف بصحتها كل عاقل ﴿وَإِنّي عُذْتُ بِرَبّي وَرَبّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ﴾ قيل المراد أن تقتلون وقيل ﴿أَن تَرْجُمُونِ﴾ بالقول فتقولوا ساحر كذاب ﴿وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي﴾ أي إن لم تصدقوني ولم تؤمنوا بالله لأجل ما أتيتكم به من الحجة، فاللام في لي لام الأجل ﴿فاعتزلون﴾ أي اخلوا سبيلي لا لي ولا علي.
قل مصنف الكتاب رحمه الله تعالى : إن المعتزلة يتصلفون ويقولون إن لفظ الاعتزال أينما جاء في القرآن كان المراد منه الاعتزال عن الباطل لا عن الحق، فاتفق حضوري في بعض المحافل، وذكر بعضهم هذا الكلام فأوردت عليه هذه الآية، وقلت المراد الاعتزال في هذه الآية الاعتزال عن دين موسى عليه السلام وطريقته وذلك لا شك أنه اعتزال عن الحق فانقطع الرجل.