وجوز أن يكون قوله تعالى :﴿ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ بدلاً من قوله سبحانه :﴿ إنا كنا منذرين ﴾ [ الدخان : ٣ ] الواقع تعليلاً لإنزال الكتاب بدل كل أو اشتمال باعتبار الإرسال والإنذار، ويكون ﴿ رَحْمَةً ﴾ حينئذٍ مفعولاً له أي أنزلنا القرآن لأن عادتنا إرسال الرسل والكتب إلى العباد لأجل الرحمة عليهم واختيار كون الرحمة مفعولاً له ليتطابق البدل والمبدل منه إذ معنى المبدل منه فاعلين الإنذار ويطابقه فاعلين الإرسال ولم يجوز كونها كذلك على وجه التعليل بل أوجب كونها مفعولاً به ليصح إذ لو قيل : فيها تفصيل كل شأن حكيم لأنا فاعلون الإرسال لأجل الرحمة لم يفد أن الفصل رحمة ولا أنه سبحانه مرسل فلا يستقيم التعليل قيل وينصر نصب رحمة على المفعول قراءة الحسن وزيد بن علي برفعها لأن الكلام عليه جملة مستأنفة أي هي ﴿ رَحْمَةً ﴾ تعليلاً للإرسال فيلائم القول بأنها في قراءة النصب مفعول له وليطابق قراءتهما في كون معنى ﴿ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ إنا كنا فاعلين الإرسال، وقال بعض أجلة المحققين : أن القول بأنه تعليل أظهر من القول بأنه بدل ليكون الكلام على نسق في التعليل غب التعليل، ولما ذكر في الحالة المقتضية للإبدال ولوقوع الفصل، وأشار على ما قيل بما ذكر في الحالة المقتضية للإبدال بأن المبدل منه غير مقصود وأنه في حكم السقوط وههنا ليس كذلك، وتعقب هذا بأنه أغلبي لا مطرد، وقوله : لوقوع الفصل أي بين البدل والمبدل منه بأن الفاصل غير أجنبي فلا يضر الفصل به فتدبر، وجوز كون رحمة مصدراً لرحمنا مقدر وكونها حالاً من ضمير ﴿ مُرْسِلِينَ ﴾ وكونها بدلاً من ﴿ أمْراً ﴾ فلا تغفل ﴿ إِنَّهُ هُوَ السميع ﴾ لكل مسموع فيسمع أقوال العباد ﴿ العليم ﴾ لكل معلوم فيعلم أحوالهم، وتوسيط الضمير مع تعريف الطرفين لإفادة الحصر، والجملة تحقيق لربوبيته عز وجل وأنها لا تحق إلا لمن هذه نعوته، وفي تخصيص ﴿ السميع العليم ﴾ على ما


الصفحة التالية
Icon