ثم قال تعالى :﴿ذلك هُوَ الفوز العظيم﴾ واحتج أصحابنا بهذه الآية على أن التفضيل أعلى درجة من الثواب المستحق، فإنه تعالى وصفه بكونه فضلاً من الله ثم وصف الفضل من الله بكونه فوزاً عظيماً، ويدل عليه أيضاً أن الملك العظيم إذا أعطى الأجير أجرته ثم خلع على إنسان آخر فإن تلك الخلعة أعلى حالاً من إعطاء تلك الأجرة، ولما بين الله تعالى الدلائل وشرح الوعد والوعيد قال :﴿فَإِنَّمَا يسرناه بِلَسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ والمعنى أنه تعالى وصف القرآن في أول هذه السورة بكونه كتاباً مبيناً أي كثير البيان والفائدة وذكر في خاتمتها ما يؤكد ذلك فقال : إن ذلك الكتاب المبين، الكثير الفائدة إنما يسرناه بلسانك، أي إنما أنزلنا عربياً بلغتك، لعلّهم يتذكرون، قال القاضي وهذا يدل على أنه أراد من الكل الإيمان والمعرفة وأنه ما أراد من أحد الكفر وأجاب أصحابنا أن الضمير في قوله ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ عائد إلى أقوام مخصوصين فنحن نحمل ذلك على المؤمنين.
ثم قال :﴿فارتقب﴾ أي فانتظر ما يحل بهم ﴿إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ﴾ ما يحل بك، متربصون بك الدوائر، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon