ويكون الخطاب متوجهاً إلى الفريقين معاً من قوم فرعون وبني إسرائيل.
وفي قوله :﴿ بَلاَءٌ مُّبِينٌ ﴾ أربعة أوجه : أحدها نعمة ظاهرة ؛ قاله الحسن وقتادة.
كما قال الله تعالى :﴿ وَلِيُبْلِيَ المؤمنين مِنْهُ بلاء حَسَناً ﴾ [ الأنفال : ١٧ ].
وقال زهير :
فأبلاهما خيرَ البلاءِ الذي يَبْلُو...
الثاني عذاب شديد ؛ قاله الفرّاء.
الثالث اختبار يتميز به المؤمن من الكافر ؛ قاله عبد الرحمن بن زيد.
وعنه أيضاً : ابتلاؤهم بالرخاء والشدة ؛ ثم قرأ :﴿ وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً ﴾ [ الأنبياء : ٣٥ ].
قوله تعالى :﴿ إِنَّ هؤلاء لَيَقُولُونَ ﴾ يعني كفار قريش ﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأولى ﴾ ابتداء وخبر ؛ مثل :﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ ﴾ [ الأعراف : ١٥٥ ]، ﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا ﴾ [ المؤمنون : ٣٧ ] ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ ﴾ أي بمبعوثين.
﴿ فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ أنشر الله الموتى فنشروا.
وقد تقدّم.
والمنشورون المبعوثون.
قيل : إنّ قائل هذا من كفار قريش أبو جهل، قال : يا محمد، إن كنت صادقاً في قولك فابعث لنا رجلين من آبائنا : أحدهما قصيّ بنِ كلاب فإنه كان رجلاً صادقاً ؛ لنسأله عما يكون بعد الموت.
وهذا القول من أبي جهل من أضعف الشبهات ؛ لأن الإعادة إنما هي للجزاء لا للتكليف ؛ فكأنه قال : إن كنت صادقاً في إعادتهم للجزاء فأعدهم للتكليف.
وهو كقول قائل : لو قال إن كان ينشأ بعدنا قوم من الأبناء ؛ فلم لا يرجع من مضى من الآباء ؛ حكاه الماوردي.
ثم قيل :"فَأْتُوا بِآبَائِنَا" مخاطبة للنبيّ ﷺ وحده ؛ كقوله :﴿ رَبِّ ارجعون ﴾ [ المؤمنون : ٩٩ ] قاله الفرّاء.
وقيل : مخاطبة له ولأتباعه.


الصفحة التالية
Icon