وقتادة فالتعريف للعهد أو الاستغراق العرفي فلا يلزم تفضيلهم على أمة محمد ﷺ الذين هم خير أمة أخرجت للناس على الإطلاق، وجوز أن يكون للاستغراق الحقيقي والتفضيل باعتبار كثرة الأنبياء عليهم السلام فيهم لا من كل الوجوه حتى يلزم تفضيلهم على هذه الأمة المحمدية، وقيل : المراد اخترناهم للإيحاء على الوجه الذي وقع وخصصناهم به دون العالمين، وليس بشيء، ومما ذكرنا يعلم أنه ليس في الآية تعلق حرفي جر بمعنى بمتعلق واحد لأن الأول متعلق بمحذوف وقع حالاً والثاني متعلق بالفعل كقوله :
ويوماً على ظهر الكثيب تعذرت...
على وآلت حلفة لم تحلل
وقيل : لأن كل حرف بمعنى.
﴿ وءاتيناهم مِنَ الآيات ﴾ كفلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغيرها من عظائم الآيات التي لم يعهد مثلها في غيرهم، وبعضها وأن أوتيها موسى عليه السلام يصدق عليه أنهم أوتوه لأن ما للنبي لأمته ﴿ مَا فِيهِ بَلَؤٌاْ مُّبِينٌ ﴾ أي نعمة ظاهرة أو اختبار ظاهر للنظر كيف يعملون، وفي ﴿ فِيهِ ﴾ إشارة إلى أن هناك أموراً أخرى ككونه معجزة.
﴿ إِنَّ هَؤُلآء ﴾ كفار قريش لأن الكلام فيهم، وذكر قصة فرعون وقومه استطرادي للدلالة على أنهم مثلهم في الإصرار على الضلالة والإنذار عن مثل ما حل بهم، وفي اسم الإشارة تحقير لهم ﴿ لَيَقُولُونَ ﴾.
﴿ إِنْ هِىَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأولى ﴾ أي ما العاقبة ونهاية الأمر إلا الموتة الأولى المزيلة للحياة الدنيوية ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ ﴾ أي بمبعوثين بعدها، وتوصيفها بالأولى ليس لقصد مقابلة الثانية كما في قولك : حج زيد الحجة الأولى، ومات.
قال الأسنوي في "التمهيد" : الأول : في اللغة ابتداء الشيء ثم قد يكون له ثان وقد لا يكون، كما تقول : هذا أول ما اكتسبته فقد تكتسب بعده شيئاً وقد لا تكتسب كذا ذكره جماعة منهم الواحدي في تفسيره والزجاج.