وقوله في الاعتراض أيضاً : إن الموت السابق على الحياة الدنيوية لا يعبر عنه بالموتة لأن ﴿ فِيهَا ﴾ لمكان بناء المرة إشعاراً بالتجدد والموت السابق مستصحب لم تتقدمه حياة مدفوع كما قال "صاحب الكشف"، ثم أنه لا يلزم من تفسير الموتة الأولى بما بعد الحياة في قوله تعالى :
﴿ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الاولى ﴾ [ الدخان : ٥٦ ] تفسيرها بذلك هنا لأن إيقاع الذوق عليها هناك قرينة أنها التي بعد الحياة الدنيا لأن ما قبل الحياة غير مذوق، ومع هذا كله الإنصاف إن حمل الموتة الأولى هنا أيضاً على التي بعد الحياة الدنيا أظهر من حملها على ما قبل الحياة من العدم بل هي المتبادرة إلى الفهم عند الإطلاق المعروفة بينهم، وأمر الوصف بالأولى على ما سمعت أولاً.
وقيل : إنهم وعدوا بعد هذه الموتة موتة القبر وحياة البعث فقوله تعالى عنهم :﴿ إِنْ هِىَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الاولى ﴾ رد للموتة الثانية وفي قوله سبحانه :﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ ﴾ نفي لحياة القبر ضمنا إذ لو كانت بدون الموتة الثانية لثبت النشر ضرورة.
﴿ فَأْتُواْ بِئَابَائِنَا ﴾ خطاب لمن وعدهم بالنشور من الرسول والمؤمنين أي فأتوا لنا بمن مات من آبائنا ﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ في وعدكم ليدل ذلك على صدقكم ودلالة الايقان إما لمجرد الإحياء بعد الموت وإما بأن يسألوا عنه، قيل : طلبوا من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدعو الله تعالى فيحيي لهم قصي بن كلاب ليشاوروه في صحة النبوة والبعث إذ كان كبيرهم ومستشارهم في النوازل.
﴿ أَهُمْ خَيْرٌ ﴾ في القوة والمنعة ﴿ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ﴾ هو تبع الأكبر الحميري واسمه أسعد بهمزة، وفي بعض الكتب سعد بدونها وكنيته أبو كرب وكان رجلاً صالحاً.