ثم ردّ الله سبحانه عليهم بقوله :﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ﴾ أي : أهم خير في القوّة والمنعة، أم قوم تبع الحميري الذي دار في الدنيا بجيوشه، وغلب أهلها، وقهرهم، وفيه وعيد شديد.
وقيل : المراد بقوم تبع : جميع أتباعه لا واحد بعينه.
وقال الفراء : الخطاب في قوله :﴿ فَأْتُواْ بِئَابَائِنَا ﴾ لرسول الله ﷺ وحده كقوله :﴿ رَبّ ارجعون ﴾ [ المؤمنون : ٩٩ ]، والأولى أنه خطاب له، ولأتباعه من المسلمين والمراد ب ﴿ الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ عاد، وثمود، ونحوهم، وقوله :﴿ أهلكناهم ﴾ جملة مستأنفة لبيان حالهم، وعاقبة أمرهم، وجملة ﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ﴾ تعليل لإهلاكهم، والمعنى : أن الله سبحانه قد أهلك هؤلاء بسبب كونهم مجرمين، فإهلاكه لمن هو دونهم بسبب كونه مجرماً مع ضعفه، وقصور قدرته بالأولى.
وقد أخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا ﴾ قال : ابتلينا ﴿ قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴾ قال : هو : موسى ﴿ أَنْ أَدُّواْ إِلَىَّ عِبَادَ الله ﴾ أرسلوا معي بني إسرائيل ﴿ وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى الله ﴾ قال : لا تعثوا ﴿ إني آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِين ﴾ قال : بعذر مبين ﴿ وَإِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ ﴾ قال : بالحجارة ﴿ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِى فاعتزلون ﴾ أي : خلوا سبيلي.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه في قوله :﴿ أَنْ أَدُّواْ إِلَىَّ عِبَادَ الله ﴾ قال : يقول : اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق، وفي قوله :﴿ وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى الله ﴾ قال : لا تفتروا وفي قوله :﴿ أَن تَرْجُمُونِ ﴾ قال : تشتمون.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه أيضاً في قوله :﴿ رَهْواً ﴾ قال : سمتا.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً ﴿ رَهْواً ﴾ قال : كهيئة، وامضه.


الصفحة التالية
Icon