والمراد بالآيات المعجزات التي ظهرت على يد موسى عليه السلام أيد الله به بني إسرائيل في مواقع حروبهم بنصر الفئة القليلة منهم على الجيوش الكثيرة من عدوّهم.
وهذا تعريض بالإنذار للمشركين بأن المسلمين سيغلبون جمعهم مع قِلتِهم في بدر وغيرها.
والبلاء : الاختبار يكون بالخير والشر.
فالأول اختبار لمقابلة النعمة بالشكر أو غيره، والثاني اختبار لمقدار الصبر، قال تعالى :﴿ ونبْلوكم بالشر والخير فتنةً ﴾ [ الأنبياء : ٣٥ ] أي ما فيه اختبار لهم في نظر الناس ليعلم بعضهم أنهم قابلوا نعمة إيتاء الآيات بالشكر، ويحذروا قومهم من مقابلة النعمة بالكفران.
إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥)
اعتراض بين جملة ﴿ يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون ﴾ [ الدخان : ١٦ ] وجملة ﴿ أهم خيرٌ أم قوم تُبّع ﴾ [ الدخان : ٣٧ ] فإنه لما هددهم بعذاب الدخان ثم بالبطشة الكبرى وضرب لهم المثل بقوم فرعون أعقب ذلك بالإشارة إلى أن إنكار البعث هو الذي صرفهم عن توقع جزاء السوء على إعراضهم.
وافتتاح الكلام بحرف ﴿ إنّ ﴾ الذي ليس هو للتأكيد لأن هذا القول إلى المشركين لا تردّد فيه حتى يحتاج إلى التأكيد فتعين كون حرف ﴿ إنَّ ﴾ لمجرد الاهتمام بالخبر، وهو إذا وقع مثل هذا الموقع أفاد التسبب وأغنى عَن الفاء.
فالمعنى : إنا منتقمون منهم بالبطشة الكبرى لأنهم لا يرتدعون بوعيد الآخرة لإنكارهم الحياة الآخرة فلم ينظروا إلا لما هم عليه في الحياة الدنيا من النعمة والقوة فلذلك قدر الله لهم الجزاء على سوء كفرهم جزاء في الحياة الدنيا.
وضمير ﴿ هي ﴾ ضمير الشأن ويقال له : ضمير القصة لأنه يستعمل بصيغة المؤنث بتأويل القصة، أي لا قصة في هذا الغرض إلا الموتة المعروفة فهي موتة دائمة لا نشور لنا بعدها.