وإلى جانب العلوم العقلية والكونية توجد علوم نقلية شرعية. والمهم فى هذين الصنفين من العلوم أن تقود البشر إلى سبيل الرشاد. ولكن الذى حدث أن جماهير من دارسى العلوم الكونية لم يحسنوا الإفادة منها، فغزوا الفضاء وبقوا كافرين بالله! ورأوا الأجنة تتخلق فى البطون، وبدل أن يعترفوا بالخالق قالوا إن الفاعل مجهول! وهذا الإلحاد صبغة عامة فى الحضارة الحديثة، تشمل غرب أوروبا وشرقها، ويمتد دخانها إلى بقية القارات. ولهذا العوج العلمى نظير بين حملة العلوم الدينية، فقد تحولت موروثاتهم إلى دراسات شكلية لا تهذب نفسا ولا تصقل فكرا. إنهم معها كالدواب التى تحمل صناديق الكتب ولا صلة لها بما حوت! ونصف فساد العالم يرجع إلى قصور رجال الدين وتبلدهم النفسى! ولعل علماء بنى إسرائيل أول من أبطل نظرية سقراط (أن الفضيلة هى المعرفة)، فإنهم لبسوا أردية العلم على أجسام لوثها الهوى " ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين * وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم...". إن العلم الدينى إذا لم يورث الصدق والإنصاف فلا خير فيه ولا قيمة له. ويوجد الآن علماء دينيون وعلماء كونيون ماتت ضمائرهم، وكان فى مقدورهم أن يسدوا للإنسانية الخير الجزيل..! " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله...!. والذكاء فى فهم الدنيا مع الغباء فى فهم الآخرة يحول الإنسان إلى عبد لشهواته، ويربطه بهذه الحياة وحدها، ويصرفه عن الاستعداد لما بعدها، بل يجعله من المنكرين الجاحدين " وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ". ولذلك جاء ختام هذه السورة تهديدا بالبعث والحساب ووصفا لمواقف الناس أمام ربهم وهو يسائلهم عما قدموا.. " ولله ملك السماوات


الصفحة التالية
Icon