معناه فى الاصل حكاية بمنزلة الأمر، كقولك: قل للذين آمنوا اغفروا ؛ فإذا ظهر الأمر مصرحا فهو مجزوم ؛ لأنه أمر، وإذا كان على الخبر مثل قوله: ﴿قُلْ لِلذين آمَنوا يَغْفِروا﴾، ﴿وقُلْ لِّعبادى يَقُولُوا﴾ و ﴿قُلْ لِعبادِىَ الذين آمَنُوا يُقيمُوا الصلاةَ﴾، فهذا مجزوم بالتشبيه بالجزاء والشرط كأنه قولك: قم تصب خيرا، وليس كذلك، ولكن العرب إذا خرج الكلام فى مثال غيره وهو مقارب له عرّبوه بتعريبه، فهذا من ذلك، وقد ذكرناه فى غير موضع، ونزلت قوله: ﴿قُلْ لِلَّذينَ آمَنُو يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أيّامَ اللّهِ﴾ فى المشركين قبل أن يؤمر النبى ﷺ بقتال أهل مكة.
وقوله: ﴿لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ...﴾.
قرأها يحيى بن وثاب: لنجزى بالنون، وقرأها الناس بعد ﴿لِيجْزِىَ قوما﴾ بالياء وهما سواء بمنزلة قوله: ﴿وقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ﴾، "وقد خلقناك من قبل" وقد قرأ بعض القراء فيما ذُكر لى: ليُجزَى قَوْماً، وهو فى الظاهر لحن، فإن كان أضمر فى "يجزى" فعلا يقع به الرفع كما تقول: أُعطِىَ ثوبا ليُجزى ذلك الجزاء قوما فهو وجه.
﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾
وقوله: ﴿عَلَى شَرِيعَةٍ...﴾.
على دين وملة ومنهاج كل ذلك يقل.
﴿ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ﴾
وقوله: ﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ...﴾.
ترفع الله، وهو وجه الإعراب إذا جاء الاسم بعد إنَّ، وخبر فارفعه كان معه فعل أو لم يكن. فأما الذى لا فعل معه فقوله: ﴿أنّ اللّهَ برىٌ من المشركينَ ورسولُه﴾ وأمّا الذى معه فعل فقوله جل وعز: ﴿واللّهُ وَلىُّ المتقين﴾.


الصفحة التالية
Icon