يقول القائل: كيف قال: نموت ونحيا، وهم مكذبون بالبعث؟ فإنما أراد نموت، ويأتى بعدنا أبناؤنا، فجعل فعل أبنائهم كفعلهم، وهو فى العربية كثير.
وقوله: ﴿وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدَّهْرُ...﴾.
يقولون: إلاّ طول الدهر، ومرور الأيام والليالى والشهور والسنين.
وفى قراءة عبدالله: "وما يُهْلِكُنا إِلاّ دَهْرٌ"، كأنه: إلاّ دهر يمر.
﴿ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
وقوله: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً...﴾.
يريد: كلّ أهل دين جاثية يقول: مجتمعة للحساب، ثم قال: ﴿كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا...﴾. يقول إلى حسابها، وهو من قول الله: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتابَهُ بِيَمِينِه﴾. و ﴿بشماله﴾.
﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
وقوله: ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ...﴾.
الاستنساخ: أن الملكين يرفعان عمل الرجل صغيرهِ وكبيرهِ، فيُثبت الله من عمله ما كان له ثواب أو عقاب، ويطرَح منه اللغو الذى لا ثواب فيه ولا عقاب، كقولك هلُمَّ، وتعال، واذهب، فذلك الاستنساخ.
﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ ﴾
وقوله: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ أَفَلَمْ...﴾.
أضمر القول فيقال: أفلم، ومثله: ﴿فأما الَّذين اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أكَفَرْتُمْ﴾ معناه، فيقال: أكفرتم، والله أعلم. وذلك أنّ أما لا بد لها من أن تجاب بالفاء، ولكنها سقطت لما سقط الفعل الذى أضمر.
﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾


الصفحة التالية
Icon