روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال اللّه عز وجل يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار.
وفي رواية يؤذيني ابن آدم، ويقول يا خيبة الدهر، فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره، فإذا شئت قبضتهما.
وفي رواية يسب ابن آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار.
وأخرج مسلم لا يسب أحدكم الدهر فإن اللّه هو الدهر.
وأخرج أبو داود والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم : يقول اللّه عز وجل استقرضت عبدي فلم يقرضني، وشتمني عبدي وهو لا يدري، يقول وا دهراه، وأنا الدهر.
وأخرج البيهقي : لا تسبوا الدهر، قال اللّه عز وجل أنا الأيام والليالي أجودها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك.
ومعنى ذلك أن اللّه تعالى هو الآتي بالحوادث، فإذا سببتم الدهر على أنه فاعل وقع السب على اللّه تعالى عز وجل، ولهذا عدّ بعض العلماء سب الدهر من الكبائر، لأنه يؤدي إلى سبه تعالى وتنزه وهو كفر، وما أدّى إليه فأدنى مراتبه أن يكون كبيرة، وقالت الشافعية مكروه لا غير.
وعندنا نحن الحنفية تفصيل، فمن سب الدهر وأراد به الزمان كما هو المتعارف لدى العامة فلا كلام في الكراهة، وإذا أراد رب الزمن وهو اللّه عز وجل ولا أظن أحدا يريد ذلك فلا كلام في الكفر، راجع الآية ١٣٩ من سورة الأنعام المارة.
ومن هذا القبيل إذا نسب فعل الأشياء إلى الكواكب
وغيرها، فإن أراد أنها بنفسها تؤثر يكون كفرا، وإذا قال المؤثر هو اللّه وإنما اقتضت قدرته أن يكون إذا كان كذا كان كذا فلا بأس، وإن أطلق في هاتين المسألتين فمحل تردد لاحتمال الأمرين، والأولى أن يحمل على ما هو الأحسن في مثل هذا.