﴿ واختلاف الليل والنهار ﴾ بالجرِّ على إضمارِ الجارِّ المذكورِ في الآيتينِ قبلَهُ. وقد قُرِىءَ بذكرِه. والمرادُ باختلافِهما إمَّا تعاقُبهما أو تفاوتُهما طولاً وقِصَراً. ﴿ وَمَا أَنزَلَ الله مِنَ السماء ﴾ عطفٌ على اختلافِ ﴿ مِن رّزْقِ ﴾ أي من مطرٍ، وهو سببُ للرزقِ عُبرَ عنهُ بذلكَ تنبيهاً على كونِه آيةً من جِهتَيْ القُدرةِ والرحمةِ. ﴿ فَأحْيَا بِهِ الأرض ﴾ بأنْ أخرجَ منها أصنافَ الزروعِ والثمراتِ والنباتِ. ﴿ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ وعرائها عن آثارِ الحياةِ وانتقاءِ قوةِ التنميةِ عنها وخُلوِّ أشجارِها عن الثمارِ. ﴿ وَتَصْرِيفِ الرياح ﴾ من جهةٍ إلى أُخرى، ومن حالٍ إلى حالٍ. وقُرىءَ بتوحيدِ الريحِ. وتأخيرُه عن إنزالِ المطرِ مع تقدمِه عليهِ في الوجودِ، إمَّا للإيذانِ بأنه آيةٌ مستقلةٌ حيثُ لو رُوعيَ الترتيبُ الوجوديُّ لربما تُوهم أنَّ مجموعَ تصريفِ الرياحِ وإنزالِ المطرِ آيةٌ واحدةٌ، وإمَّا لأنَّ كونَ التصريفِ آيةً ليسَ لمجردِ كونِه مبدأً لإنشاءِ المطرِ بل لهُ ولسائرِ المنافعِ التي من جُملتها سوقُ السفنِ في البحارِ. ﴿ ءَايَاتٌ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ بالرفعِ على أنَّه مبتدأٌ خبرُهُ ما تقدمَ من الجارِّ والمجرورِ. والجملةُ معطوفةٌ على ما قبلَها. وقُرِىءَ بالنصبِ على الاختصاصِ، وقيلَ : على أنَّها اسمُ أنَّ والمجرورُ المتقدمُ خبرُها بطريقِ العطفِ على معمولَيْ عاملينِ مختلفينِ هُمَا أنَّ وفي أقيمتِ الواوُ مُقامَهُما فعملتِ الجرَّ في اختلافِ والنصبَ في آياتٍ. وتنكيرُ آياتٍ في المواقعِ الثلاثةِ للتفخيمِ كماً وكيفاً واختلافُ الفواصلِ لاختلافِ مراتبِ الآياتِ في الدقةِ والجلاءِ.