﴿ هذا ﴾ أي القرآنُ ﴿ هُدًى ﴾ في غايةِ الكمالِ من الهدايةِ كأنَّه نفسُها ﴿ والذين كَفَرُواْ ﴾ أي بالقرآنِ وإنما وضعَ موضعَ ضميرِه في قوله تعالى :﴿ بآيات رَبّهِمْ ﴾ لزيادةِ تشنيعِ كفرِهم به وتفظيعِ حالِهم ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ مّن رّجْزٍ ﴾ أي من أشدِّ العذابِ ﴿ أَلِيمٌ ﴾ بالرفعِ صفةُ عذابٌ، وقُرىءَ بالجرِّ على أنَّه صفة رجزٍ، وتنوينُ عذابٌ في المواقعِ الثلاثةِ للتفخيمِ، ورفعُه إما على الابتداء وإما على الفاعلية.
﴿ الله الذى سَخَّرَ لَكُمُ البحر ﴾ بأنْ جعلَه أملسَ السطحِ يطفُو عليهِ ما يتخللُ كالأخشابٍ ولا يمنعُ الغوضَ والخرقَ لمَيَعانه. ﴿ لِتَجْرِىَ الفلك فِيهِ بِأَمْرِهِ ﴾ وأنتم راكبوها ﴿ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ ﴾ بالتجارةِ والغوصِ والصيدِ وغيرِها ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ ولكيْ تشكرُوا النعَم المترتبةَ على ذلكَ ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى السموات وَمَا فِى والأرض ﴾ من الموجوداتِ بأنْ جعلَها مداراً لمنافعِكم ﴿ جَمِيعاً ﴾ إما حالٌ مِنْ ما في السمواتِ والأرضِ، أو توكيدٌ له ﴿ مِنْهُ ﴾ متعلقٌ بمحذوفٍ هو صفةٌ لجميعاً أو حالٌ منْ مَا، أيْ جميعاً كائناً منْهُ تعالَى، أو سخَّر لكُم هذهِ الأشياءَ كائنةً منه مخلوقةً له تعالى أو خبرٌ لمحذوفٍ أيْ هي جميعاً منْهُ تعالَى. وقُرِىءَ منه عَلى المفعولِ لَهُ ومنه على أنه فاعلُ سخَّر على الإسنادِ المجازيِّ أو خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أي ذلكَ منْهُ ﴿ إِنَّ فِى ذَلِكَ ﴾ أي فيما ذُكِرَ من الأمورِ العظامِ ﴿ لأَيَاتٍ ﴾ عظيمةَ الشأنِ كثيرةَ العددِ ﴿ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ في بدائعِ صُنْعِ الله تعالى فإنَّهم يقفونَ بذلكَ على جلائلِ نعمهِ تعالى ودقائِقها ويوفقونَ لشكرِها.


الصفحة التالية
Icon