الأول أن يكون خبر مبتدأ محذوف فقيل "جميعا" حينئذ حال من المضير المستتر في الجار والمجرور بناء على جواز تقدم الحال على مثل هذا العامل أو من المبتدأ بناء على تجويز الحال منه أي هي جميعاً منه تعالى وقيل : جميعاً على ما كان ويلاحظ في تصوير المعنى فالضمير المبتدأ يقدر بعده ويعتبر رجوعه إلى ما تقدم بقيد جميعاً، والجملة على القولين استئناف جيء به تأكيداً لقوله تعالى :﴿ سَخَّرَ ﴾ أي أنه عز وجل أوجدها ثم سخرها لا أنها حصلت له سبحانه من غيره كالملوك، الثاني أن يجعل ﴿ ما في السموات ﴾ مبتدأ ويكون هو خبره و﴿ جَمِيعاً ﴾ حال من الضمير المستتر في الجار والمجرور والواقع صلة ويكون ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ ﴾ تأكيداً للأول أي سخر وسخر، وفي العطف إيماء إلى أن التسخير الثاني كأنه غير الأول دلالة على أن المتفكر كلما فكر يزداد إيماناً بكمال التسخير والمنة عليه، وجملة ﴿ مَا فِي السموات ﴾ الخ مستأنفة لمزيد بيان القدرة والحكمة.
واعترض بأنه إن أريد التأكيد اللغوي فهو لا يخلو من الضعف لأن عطف مثله في الجمل غير معهود، وإن أريد التأكيد الاصطلاحي كما قيل به في قوله تعالى :﴿ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [ التكاثر : ٣، ٤ ] فهو مخالف لما ذكره ابن مالك في التسهيل من أن عطف التأكيد يختص بثم، وقال الرضى : يكون بالفاء أيضاً وهو ههنا بالواو ولم يجوزه أحد منهم وان لم يذكروا وجه الفرق على أنه قد تقرر في المعاني أنه لا يجري في التأكيد العطف مطلقاً لشدة الاتصال، واعترض أيضاً بأن فيه حذف مفعول ﴿ سَخَّرَ ﴾ من غير قرينة وهذا كما ترى، الثالث أن يكون ﴿ مَّا فِى الأرض ﴾ مبتدأ و﴿ مِنْهُ ﴾ خبره ولا يخفى أنه ضعيف بحسب المساق.


الصفحة التالية
Icon