والأيام : جمع يوم، وهذا الجمع أو مفرده إذا أضيف إلى اسم أحد أو قوم أو قبيلة كان المراد به اليوم الذي حصل فيه لمَن أضيف هو إليه نَصر وغلب على معاند أو مُقاتل، ومنه أطلق على أيام القتال المشهورة بين قبائل العرب : أيامُ العرب، أي التي كان فيها قتال بين قبائل منهم فانتصر بعضهم على بعض، كما يقال أيام عبس، وأيام داحس والغبراء، وأيام البَسوس، قال عمرو بن كلثوم :
وأيام لنَا غرٌّ طِوال
عَصينا المَلْك فيها إن نَدِينا...
فإذا قالوا : أيام بني فلان، أرادوا الأيام التي انتصر فيها من أضيفت الأيام إلى اسمه، ويقولون : أيام بني فلان على بني فلان فيريدون أن المجرور بحرف الاستعلاء مغلوب لتضمن لفظ ﴿ أيام ﴾ أو ( يوم ) معنى الانتصار والغلب.
وبذلك التضمّن كان المجرور متعلقاً بلفظ ﴿ أيام ﴾ أو ( يوم ) وإن كان جامداً، فمعنى ﴿ أيام الله ﴾ على هذا هو من قبيل قولهم : أيام بني فلان، فيحصل من محمل الرجاء على ظاهر استعماله.
ومحمل ﴿ أيام الله ﴾ على محمل أمثاله أن معنى الآية للذين لا تترقب نفوسهم أيام نصر الله، أي نصر الله لهم : إما لأنهم لا يتوكلون على الله ولا يستنصرونه بل توجّههم إلى الأصنام، وإما لأنهم لا يخطر ببالهم إلا أنهم منصورون بحولهم وقوتهم فلا يخطر ببالهم سؤال نصر الله أو رجاؤه وهم معروفون بهذه الصلة بين المسلمين فلذلك أجريت عليهم هنا وعرفوا بها.
وأوثر تعريفهم بهذه الصلة ليكون في ذلك تعريض بأن الله ينصر الذين يرجون أيام نصره وهم المؤمنون.
والغرض من هذا التعريض الإيماء بالموصول إلى وجه أمر المؤمنين أن يغفِروا للمشركين ويصفحوا عن أذى المشركين ولا يتكلفوا الانتصار لأنفسهم لأن الله ضمن لهم النصر.
وقد يطلق ﴿ أيام الله ﴾ في القرآن على الأيام التي حصل فيها فضله ونعمته على قوم، وهو أحد تفسيرين لقوله تعالى :﴿ وذَكِّرهم بأيام الله ﴾ [ إبراهيم : ٥ ].