وقال الآلوسى :
﴿ أَمْ حَسِبَ الذين اجترحوا السيئات ﴾ [ الجاثية : ١٢ ] إلى آخره
استئناف مسوق لبيان حال المسيئين والمحسنين إثر بيان حال الظالمين والمتقين، و﴿ أَمْ ﴾ منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من البيان الأول إلى الثاني، والهمزة لإنكار الحسبان على معنى أنه لا يليق ولا ينبغي لظهور خلافه، والاجتراح الاكتساب ومنه الجارحة للأعضاء التي يكتسب بها كالأيدي، وجاء هو جارحة أهله أي كاسبهم، وقال الراغب : الاجتراح اكتساب الاثم وأصله من الجراحة كما أن الاقتراف من قرف القرحة، والظاهر تفسيره ههنا بالاكتساب لمكان ﴿ السيئات ﴾ والمراد بها على ما في البحر سيئات الكفر، وقوله تعالى :﴿ أَن نَّجْعَلَهُمْ ﴾ ساد مسد مفعولي الحسبان، والجعل بمعنى التصيير وهم مفعوله الأول، وقوله سبحانه :﴿ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ مفعوله الثاني، وقوله عز وجل :﴿ سَوَآء ﴾ بدل من الكاف بناء على أنها اسم بمعنى مثل، وقوله تعالى :﴿ محياهم ومماتهم ﴾ فاعل سواء أجرى مجرى مستوٍ كما قالوا : مررت برجل سواء هو والعدم، وضمير الجمع للمجترحين، والمعنى على إنكار حسبان جعل محبا المجترحين ومماتهم مستويين مثلهما للمؤمنين، ومصب الإنكار استواء ذلك فإن المؤمنين تتوافق حالاهم لأنهم مرحومون في المحيا والممات وأولئك تتضاد حالا هم فانهم مرحومون حياة لا موتاً ؛ وجوز أن يكون ﴿ سَوَآء ﴾ حالاً من الضمير في الكاف بناء على ما سمعت من معناها.