وظاهره أنه لا يجوز الإبدال ههنا، وفي البحر يظهر لي أنه لا يجوز إبدال هذه الجملة من ذلك المفعول لأن الجعل بمعنى التصيير ولا يجوز صيرت زيداً أبوه قائم ولا صيرت زيداً غلامه منطلق لأن في ذلك انتقالا من ذات إلى ذات أو من وصف في الذات إلى وصف آخر فيها وليس في تلك الجملة المقدرة مفعولاً ثانياً انتقال مما ذكرنا وفيه بحث لا يخفى، والزمخشري قد نص على جعل الجملة بدلاً من الكاف وهو إمام في العربية، لكن أفاد صاحب الكشف أنه أاد أنه بدل من حيث المعنى لا أنه بدل من ذاك لفظاً قال : لأنه مفرد دال على الذات باعتبار المعنى وهذا دال على المعنى وإن كان الذات يلزم من طريق الضرورة إلا أن يقدر له موصوف محذوف بأن يقدر رجالاً سواء محياهم ومماتهم مثلاً، والمعنى على البدلية كما سمعت في قراءة النصب، وجوز كون الجملة مفعولاً ثانياً و﴿ كالذين ﴾ حال من ضمير ﴿ نَّجْعَلَهُمْ ﴾ ولا يخفى عليك ما عليه وما له، وإذا كان الضمير للمؤمنين فالجملة قيل : حال من الموصول الثاني لا من الضمير في المفعول الثاني للفساد، وتعقب بأن فيه اكتفاء الاسمية الحالية بالضمير وهو غير فصيح على ما قيل : وقيل : استئناف يبين المقتضى للإنكار على حسبان التماثل وهو أن المؤمنين سواء حالهم عند الله تعالى في الدارين بهجة وكرامة فكيف يماثلهم المجترحون، وجوز أن تكون بياناً لوجه الشبه المجمل، وإذا كان الضمير للفريقين فالظاهر أن الجملة كلام مستأنف غير داخل في حكم الإنكار والتساوي حينئذ بين حال المؤمنين بالنسبة إليهم خاصة وحال المجترحين كذلك وتكون الجملة تعليلاً للإنكار في المعنى دالاً على عدم المماثلة لا في الدنيا ولا في الآخرة لأن المؤمنين متساوو المحيا والممات في الرحمة وأولئك متساوو المحيا والممات في النقمة إذ المعنى كما يعيشون يموتون فلما افترق حال هؤلاء وحال هؤلاء حياة فكذلك موتاً، وأما الإبدال فقد علم حاله فتأمل.


الصفحة التالية
Icon