وقرأ طلحة وعيسى بخلاف عنه :" سواءً " بالنصب، " محياهم ومماتُهم " بالرفع، وهذا يحتمل وجهين أحدهما أن يكون قوله :﴿ كالذين ﴾ في موضع المفعول الثاني ل " جعل " كما هو في قراءة الرفع، وينصب قوله :" سواءً " على الحال من الضمير في :﴿ نجعلهم ﴾. والوجه الثاني أن يكون قوله :﴿ كالذين ﴾ في نية التأخير، ويكون قوله :" سواءً " مفعولاً ثانياً ل " جعل "، وعلى كلا الوجهين :" محياهم ومماتُهم " مرتفع ب " سواء " على أنه فاعل. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم والأعمش " سواءً " بالنصب " محياهم ومماتَهم " بالنصب وذلك على الظرف أو على أن يكون " محياهم " بدلاً من الضمير في :﴿ نجعلهم ﴾ أي نجعل محياهم ومماتهم سواء، وهذه الآية متناولة بلفظها حال العصاة من حال أهل التقوى، وهي موقف للعارفين فيكون عنده فيه، وروي عن الربيع بن خيثم أنه كان يردها ليلة جمعاء، وكذلك عن الفضيل بن عياض، وكان يقول لنفسه : ليت شعري من أي الفريقين أنت، وقال الثعلبي : كانت هذه الآية تسمى مبكاة العابدين.
قال القاضي أبو محمد : وأما لفظها فيعطي أنه اجتراح الكفر بدليل معادلته بالإيمان، ويحتمل أن تكون المعادلة بن الاجتراح وعمل الصالحات، ويكون الإيمان في الفريقين، ولهذا ما بكى الخائفون رضوان الله عليهم، وإما مفعولاً ﴿ حسب ﴾ فقولهم ﴿ أن نجعلهم ﴾ يسد مسد المفعولين. وقوله :﴿ ساء ما يحكمون ﴾، ﴿ ما ﴾ مصدرية، والتقدير : ساء الحكم حكمهم.


الصفحة التالية
Icon