وبر وبحر وحيوان ونبات وخصائص وظواهر ونواميس وسنن. وكان القرآن في طريقة عرضه هذه موفقا كل التوفيق بل كان معجزا أبهر الإعجاز لأن حديثه عن تلك الكونيات كان حديث العليم بأسرارها الخبير بدقائقها المحيط بعلومها ومعارفها على حين أن هذا الذي جاء بالقرآن رجل أمي نشأ في أمة أمية جاهلة لا صلة لها بتلك العلوم وتدوينها ولا إلمام لها بكتبها ومباحثها. بل إن بعض تلك العلوم لم ينشأ إلا بعد عهد النبوة ومهبط الوحي بقرون وأجيال. فأنى يكون لرجل أمي كمحمد ذلك السجل الجامع لتلك المعارف كلها إن لم يكن تلقاه من لدن حكيم عليم قال سبحانه مقررا لهذا الإعجاز العلمي :﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ. بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ﴾
ولعل من الحكمة أن نسوق لك نموذجين من القرآن على سبيل التمثيل أولهما في سورة النور إذ يقول الله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ﴾
قل لي بربك ألا يملكك العجب حين تقرأ هذا النص الكريم الذي يتفق وأحدث النظريات العلمية في الظواهر الطبيعية من سحاب ومطر وبرق ؟.