وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة : أنهما شهدا على النبي ﷺ أنه قال :< لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده >.
والآثار في فضل الذكر متوافرة ويكفي فيه هذه الآية الكريمة.
تنبيه :
قال النووي رحمه الله تعالى : اعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوهما، بل كل عامل لله تعالى بطاعة، فهو ذاكر لله تعالى.
كذا قاله سعيد بن جبير رضي الله عنه، وغيره من العلماء. وقال عطاء رحمه الله : مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيع ؟، وتصلي وتصوم ؟، وتنكح وتطلّق ؟، وأشباه هذا. وقال النووي أيضاً : إن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها، واجبة كانت أو مستحبة، لا يحسب شيء منها ولا يعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع، لا عارض، وقد صنف، في عمل اليوم والليلة، جماعة من الأئمة كتباً نفيسة. ومن أجمعها للمتأخرين " كتاب الأذكار " للنوويّ، وممن جمع زبدة ما روى فيها الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في " زاد المعاد "، وقال في طليعة ذلك : كان النبي ﷺ أكمل الخلق ذكراً لله عز وجل، بل كان كلامه كله في ذكر الله وما والاه، وكان أمره ونهيه وتشريعه للأمة ذكراً منه لله، وإخباره عن أسماء الرب وصفاته وأحكامه وأفعاله ووعده ووعيده ذكراً منه له، وثناؤه عليه بآلائه وتمجيده وتسبيحه ذكراً منه له، وسؤاله ودعاؤه إياه ورغبته ورهبته ذكراً منه له، وسكونه وصمته ذكراً منه له بقلبه، فكان ذكر الله في كل أحيانه وعلى جميع أحواله، وكان ذكره الله يجري مع أنفاسه قائماً وقاعداً، وعلى جنبه، وفي مشية وركوبه ومسيره، ونزوله وطعنه وإقامته. انتهى.