﴿ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ قال الإمام ابن تيمية في " شرح حديث النزول " : لفظ المعية في كتاب الله جاء عاماً كما في قوله تعالى :﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾ [ الحديد : ٤ ]، وفي قوله :﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ﴾ [ المجادلة : ٧ ] إلى قوله :﴿ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ﴾ [ المجادلة : ٧ ] وجاء خاصاً كما في قوله :﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [ النحل : ١٢٨ ]، وقوله :﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [ طه : ٤٦ ]، وقوله :﴿ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [ التوبة : ٤٠ ]، فلو كان المراد بذاته مع كل شيء لكان التعميم يناقض التخصيص، فإنه قد علم أن قوله :﴿ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾ أراد به تخصيص نفسه وأبا بكر دون عدوهم من الكفار، وكذلك قوله :﴿ إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ﴾ خصهم بذلك دون الظالمين والفجار.
وأيضاً، فلفظ المعية ليست في لغة العرب ولا في شيء من القرآن أن يراد بها اختلاط إحدى الذاتين بالأخرى. كما في قوله :﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [ الفتح : ٢٩ ]، وقوله :﴿ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ النساء : ١٤٦ ]، وقوله :﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [ التوبة : ١١٩ ]، وقوله :﴿ وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ ﴾ [ الأنفال : ٧٥ ]، ومثل هذا كثير. فامتنع أن يكون قوله :﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ ﴾ يدل على أن تكون ذاته مختلطة بذوات الخلق.


الصفحة التالية
Icon