وقال الثعالبى :
سببها أن الناس قالوا فيمن قتل ببدر وأُحُدٍ من المؤمنين : مَاتَ فلانٌ، ماتَ فلانٌ، فكره اللَّه سبحانه ؛ أن تُحَطَّ منزلةُ الشهداءِ إِلى منزلة غيرهم، فنزلَتْ هذه الآية، وأيضاً : فإِن المؤمنين صَعْبٌ عليهم فراقُ إِخوانهم وقراباتِهِمْ، فنزلَتِ الآيةُ مسلِّية لهم، تعظِّم منزلة الشهداءِ، وتخبر عن حقيقةِ حالِهِمْ، فصاروا مغبوطين لا محزوناً لهم ؛ ويظهر ذلك من حديث أُمِّ حارثَةَ في السِّيَرِ.
: خرَّجه البخاريُّ في " صحيحه" عن أنسٍ، قال :" أُصِيبَ حارثةُ يوم بَدْر أصابه غَرْبُ سَهْمٍ، وهو غلامٌ، فجاءَتْ أُمُّهُ إِلى النبيِّ ـ ﷺ ـ فقالَتْ : يا رسُولَ اللَّهِ، قد عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُ فِي الجَنَّةِ أَصْبِرْ، وَأَحْتَسِب، وَإِن تَكُن الأخرى، ترى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ : وَيْحَكِ، أَوَ هُبِلْتِ، أَو جَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هَيَ ؛ إنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي الفِرْدَوْسِ الأعلى... " الحديثَ. انتهى.. أ هـ
﴿الجواهر الحسان حـ ١صـ ١٢١﴾.
قوله تعالى ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾
قال الحرالي : فكأنه تعالى ينفي عن المجاهد مثال المكروه من كل وجه حتى في أن يقال عنه إنه ميت، فحماه من القول الذي هو عندهم من أشد غرض أنفسهم لاعتلاق أنفسهم بجميل الذكر، ثم قال وأبهم أمرهم في هذه السورة ونفى عنهم القول، لأن هذه سورة الكتاب المدعو به الخلق وصرح بتفضيله في آل عمران لأنها سورة قيام الله الذي به تجلى الحق فأظهر غيب أمره في سورة إظهار أمره وأخفاه في سورة ظاهر دعوتهم - انتهى.