وأعجب من ذلك أنك ترى النائم يقوم في نومه ويضرب ويبطش ويدافع كأنه يقظان وهو نائم لا شعور له بشىء من ذلك، وذلك أن الحكم لما جرى على الروح استعانت بالبدن من خارجه ولو دخلت فيه لاستيقظ وأحس فإذا كانت الروح تتألم وتتنعم ويصل ذلك إلى بدنها بطريق الاستتباع فهكذا في البرزخ بل أعظم فإن تجرد الروح هنالك أكمل وأقوى وهى متعلقة ببدنها لم تنقطع عنه كل الانقطاع فإذا كان يوم حشر الأجساد وقيام الناس من قبورهم صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد ظاهرا باديا أصلا
ومتى أعطيت هذا الموضع حقه تبين لك أن ما أخبر به الرسول من عذاب القبر ونعيمه وضيقه وسعته وضمه وكونه حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة مطابق للعقل وأنه حق لا مرية فيه وإن من أشكل عليه ذلك فمن سوء فهمه وقلة علمه أتى كما قيل
وكم من عائب قولا صحيحا... وآفته من الفهم السقيم
وأعجب من ذلك أنك تجد النائمين في فراش واحد وهذا روحه في النعيم ويستيقظ وأثر النعيم على بدنه وهذا روحه في العذاب ويستيقظ وأثر العذاب على بدنه وليس عند أحدهما خبر عند الآخر فأمر البرزخ أعجب من ذلك. أ هـ ﴿الروح ـ صـ ٦٣ ـ ٦٤﴾


الصفحة التالية
Icon