فصل


قال الفخر :
من أسرار التكرار فى آيات القبلة الثلاث
اعلم أن أول ما في هذه الآية من البحث أن الله تعالى قال قبل هذه الآيات :﴿قَد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أن الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون﴾ [البقرة : ١٤٤] ثم ذكر ههنا ثانياً قوله تعالى :﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبّكَ وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ وذكر ثالثاً قوله :﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ﴾ فهل في هذا التكرار فائدة أم لا ؟
وللعلماء فيه أقوال.
أحدها : أن الأحوال ثلاثة، أولها : أن يكون الإنسان في المسجد الحرام.
وثانيها : أن يخرج عن المسجد الحرام ويكون في البلد.
وثالثها : أن يخرج عن البلد إلى أقطار الأرض، فالآية الأولى محمولة على الحالة الأولى، والثانية على الثانية، والثالثة على الثالثة، لأنه قد كان يتوهم أن للقرب حرمة لا تثبت فيها للعبد، فلأجل إزالة هذا الوهم كرر الله تعالى هذه الآيات.


الصفحة التالية
Icon