والثانية : لتمام النعمة، وقد بين أبو مسلم بن بحر الأصفهاني ما في ذلك من النعمة، وهو أن القوم كانوا يفتخرون باتباع إبراهيم في جميع ما كانوا يفعلون فلما حول ـ ﷺ ـ إلى بيت المقدس لحقهم ضعف قلب، ولذلك كان النبي ـ ﷺ ـ يحب التحول إلى الكعبة لما فيه من شرف البقعة فهذا موضع النعمة.
وثانيها : أن متعلق اللام محذوف، معناه : ولإتمام النعمة عليكم وإرادتي اهتداءكم أمرتكم بذلك.
وثالثها : أن يعطف على علة مقدرة، كأنه قيل : واحشوني لأوفقكم ولأتم نعمتي عليكم، والقول الأول أقرب إلى الصواب فإن قيل : إنه تعالى أنزل عند قرب وفاة رسول الله ـ ﷺ ـ :﴿اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى﴾ [المائدة : ٣] فبين أن تمام النعمة إنما حصل ذلك اليوم، فكيف قال قبل ذلك اليوم بسنين كثيرة في هذه الآية :﴿وَلأُتِمَّ نِعْمَتِى عَلَيْكُمْ﴾ قلنا : تمام النعمة اللائقة في كل وقت هو الذي خصه به، وفي الحديث :" تمام النعمة دخول الجنة " وعن علي رضي الله عنه : تمام النعمة الموت على الإسلام.
أهـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ١٢٨﴾
وقال البقاعى :
قال الحرالي : وفي طيه بشرى بفتح مكة واستيلائه على جزيرة العرب كلها وتمكنه بذلك من سائر أهل الأرض لاستغراق الإسلام لكافة العرب الذين فتح الله بهم له مشارق الأرض ومغاربها التي انتهى إليها ملك أمته - انتهى.﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٢٧٤﴾
وقال فى التحرير
المراد بالإتمام هنا إعطاء الشيء وافراً من أول الأمر لا إتمامه بعد أن كان ناقصاً، فهو قريب من قوله تعالى :﴿فأتمهن﴾ [البقرة : ١٢٤] أي امتثلهن امتثالاً تاماً وليس المراد أنه فعل بعضها ثم فعل بعضاً آخر، فمعنى الآية ولتكون نعمتي نعمة وافرة في كل حال. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٧﴾