وقال أبو البقاء : متعلّقة بمحذوف تقديره : فعلنا ذلك لئلا، ولا حاجة إلى ذلك، و" للناس " خبر لـ " يكون " مقدّم على اسمها، وهو " حجّة "، و" عليكم " في محل نصب على الحال ؛ لأنه في الأصل صفة النكرة، فلما تقدم عليها انتصب حالاً، ولا يتعلق بـ " حجة " لئلاّ يلزم تقديم معمول المصدر عليه، وهو ممتنع ؛ لأنه في تأويل صلة وموصول، وقد قال بعضهم : يتعلّق بـ " حجة " وهو ضعيف، ويجوز أن يكون " عليكم " خبراً لـ " يكون " ويتعلق " للناس " بـ " يكون " على رأي من يرى أن " كان " الناقصة تعمل في الظرف وشبهه، وذكر الفعل في قوله " يكون " ؛ لأن تأنيث الحجّة غير حقيقي، وحسن ذلك الفصل أيضاً.
[ وقال أبو روق : المراد بـ " النَّاس " : أهل الكتاب.
ونقل عن قتادة والربيع : أنهم وجدوا في كتابهم أنه - عليه الصلاة والسلام - تحوّل إلى القبلة، فلما حوّلت بطلت حجّتهم.
" إلا الذين ظلموا " ؛ بسبب أنهم كتموا ما عرفوا.
وقيل : لام أوردوا تلك الشبهة معتقدين أنها حجّة سماها تعالى حجّة، بناءً على معتقدهم، أو لعله - تعالى - سمّاها حجّة تهكُّماً بهم.
وقيل : أراد بالحجة المحاجّة، فقال :﴿ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ ﴾ فإنهم يحاجونكم بالباطل ].
قوله تعالى :" إلاَّ الَّذِينَ " قرأ الجمهور " إلاَّ " بكسر " الهمزة " وتشديد " اللام ".
وقرأ ابن عباس، وزيد بن علي، وابن زيد بفتحها، وتخفيف " اللام " على أنها للاستفتاح.
فأما قراءة الجمهور فاختلف النحويون في تأويلها على أربعة أقوال :
أظهرها : وهو اختيار الطبري، وبدأ به ابن عطية، ولم يذكر الزمخشري غيره أنه استثناء متصل.
قال الزمخشري : معناه لئلا يكون حجّة لأحد من اليهود إلا للمعاندين منهم القائلين : ما ترك قِبْلَتنا إلى الكعبة إلا ميلاً لدين قومه، وحبّاً لهم، وأطلق على قولهم :" حجّة " ؛ لأنهم ساقوه مساق الحجة.


الصفحة التالية
Icon